كانت أمنيتها أن تلبس حذاء بكعب عالٍ، وهذا ما لم تستطع فعله كطبيبة تعمل في قسم العناية الحرجة، لأن طبيعة عملها توجب عليها أن تركض في بعض الأحيان لإنقاذ حياة إنسان. بقيت لديها مجرد أمنية تتحدث عنها من حين لآخر وهي تردد «كنت أحلم.. لما أصير استشارية ألبس كعب لأني مللت الأحذية الرياضية». وحينما أتت لها فرصة تغيير طبيعة عملها لتكون طبيبة في العيادات، تحققت أمنيتها، فأبدلت أحذيتها الرياضية بأخرى أكثر أنوثة، ذات كعب معتدل، وهذا ما لا تستطيع فعله الممارسات الصحيات في أقسام الطوارئ والعنايات المركزة وغرف العمليات. سعدتُ بأن حققت أمنيتها ولكن ماذا عن صحة قدميها؟ سلامة عمودها الفقري؟، ركبتاها هل ستكونان على ما يرام؟

التاريخ يقول إن قصة الكعب بدأت منذ أكثر من ألفي عام، فقد اعتمده الإغريق للرجال أثناء تأدية أدوارهم على المسرح، وكلما كان الدور ذو أهمية كلما ازداد ارتفاع الكعب. ولبسه قدامى المصريين في بعض المناسبات الدينية. ومن الممكن أن يتجاوز ارتفاع كعب أحذية الرجال 10 سم، واعتمده فرسان الفرس لكي يساعدهم على امتطاء خيولهم، ومن الفرس انتقل إلى أوروبا الشمالية بواسطة أحد قاداتها واعتبر رمزًا للقوة والسلطة وارتفاعه يوازي ارتفاع مقام صاحبه ومكانته. وانتعله الملك لويس الرابع عشر وأدخله إلى البلاط الفرنسي كرمزٍ للسلطة، وبعدها انتشر إلى سائر أنحاء أوروبا. ثم انتقل من موضة رجالية إلى نسائية، وانتشرت الأحذية ذات الكعوب الأكثر حدة وتُدعى (ستيليتو)، لأنها كانت تضفي جاذبية وأنوثة وجمالًا على طلة السيدات بشكل واضح، وهذا الجمال يجعلهن أكثر ثقة في أنفسهن ويعزز من حضورهن. أما النساء العاملات وطالبات الجامعات فاستخدمن الكعوب العريضة، التي تعتبر حلًا مناسبًا إذا كان انتعال كعبٍ عالٍ ضرورة واحتياجًا لأنه يساعد على توزيع الوزن بشكل متساوٍ على مساحة أكبر، ما يقلل من احتمال التعثر وحدوث آلام القدم والساقين وإيذاء العمود الفقري.

إرتداء الأحذية ذات الكعب المرتفع له جاذبيته ومناسباته، فمن الصعب ارتداء حذاء غير مريح بالذات في أوقات العمل، لأنه يسبب ضغطا مستمرا على عظام القدم ويكون توزيع وزن الجسم غير متعادل، بل في بعض الحالات يصل الأمر إلى أن يؤدي الإجهاد المزمن في عظام القدم إلى كسور على شكل خطوط دقيقة.


هل استبدال الكعب بالأحذية المسطحة أكثر راحة وأمانًا؟ بينما يعتقد الكثيرون هذا إلا أن ارتداء الحذاء المسطح له مساوئه أيضًا، وهذا مختلف عن الحذاء الرياضي، ربما يكون مريحًا ولكنه ليس صحيًا، لأنه يتسبب مع الوقت والاستخدام اليومي بالآمٍ في القدم والساق، ومن الممكن أن يشعر الشخص بحرارة في باطن القدم، و رِقة الحذاء وهشاشة قاعدته تجعل القدمين وأصابعها عرضة لأي صدمة أو أذى، وهي أحذية لا توفر الدعم الكافي لباطن القدم ولا الحماية وامتصاص الصدمات، وقد تؤدي إلى التهاب في الأنسجة الممتدة من كعب القدم إلى قاعدة الأصابع، وضررها أعظم لذوي القدم المسطحة. إذن ماهي الأحذية الأكثر أمانًا وراحة ولا تتعارض مع معايير الجمال والأناقة بالطبع؟، يتوقف هذا على نوع المناسبة وطبيعة النشاط ولكن في كل الأوقات احرص أن تتوفر الشروط التالية في الحذاء:

خفيف الوزن ويسمح للقدم بأن تتنفس.

أن تكون الطبقة المبطنة لكعب القدم سميكة

أن يكون ذا كعب ثابت لتثبيت القدم

أن يكون مرنًا بشكل معتدل

أن يوفر الدعم الممتاز للقدم

ألا يتجاوز طول الكعب 4-5 سم

أن يكون مبطنًا من الداخل لتوسيد القدم

أن يكون المقاس جيدًا، وليس ضيقًا، يجب توفر مساحة لا تقل عن 1 سم بين الإصبع الأطول للقدم ونهاية الحذاء، وهو ما يعادل عرض الأصبع تقريبًا؛ حتى لا يحدث ضغط على الأصابع ومن ثمّ تشوهات في القدم والأصابع وأظافرها، ونشوء مسمار القدم.

علينا أن ندرك أن ارتفاع السعر لا يضمن الجودة، وأن شكل القدم يلعب دورًا مهمًا في اختيار نوع الحذاء المناسب، فهناك قدم مسطحة وأخرى مقوسة وكلاهما له احتياجات مختلفة من الدعم، وتذكر دائمًا أن راحة الجسم تبدأ من القدمين.