قمة كروية جسدها الهلال في حضور جاره النصر بالجولة الـ15 لدوري روشن، وطغى النزال بين عدة أطراف، بداية بنجوم الفريقين الذين يشار إليهم بالبنان وصراع مدربين من بلد واحد (البرتغال)، فضلا عن تراشق جماهير وإعلاميي الفريقين عبر السوشيال ميديا، بينما غابت تصاريح الإداريين على غير العادة، ولم نشاهد تعليقا قبل المقابلة أو بعدها، وجاءت التحليلات الفنية من المختصين جميعها تشير بأصابعها لتفوق الهلال العناصري عبر الإسترتيجية التي رسمها المدرب جيسوس الذي سجل نجاحا غير عادي على ابن جلدته كاسترو، الذي ظهر في هذه المباراة بصورة لا تليق بتاريخه، حيث تحول لحكم تقنية متنقل عبر جواله، يذهب هنا ويعود هناك، ويناقش الحكم بصورة تدعو للشفقة، وفي المقابل كان جيسوس رابط الجأش وواثق في قدرات لاعبيه والأسلوب الفني الذي رسمه، ليحسم فريقه المواجهة بالثلاثة، وكان هذا الرقم يفترض أن يكون حصيلة الشوط الأول عطفا على الفرص المؤكدة التي لاحت لسالم ومالكون والمرمى خالٍ، بينما في الشوط الثاني ترك الهلال الاستحواذ، وتفرغ للضغط العالي، والبناء المتنوع، وسجل ثلاثة أهداف في النصف الأخير من الحصة الثانية، والرابع لا أعلم كيف ضاع من قدم مالكون.

ردة فعل الكثير من النصراويين ذهبت كالعادة لحكم المباراة، وهي صورة باتت غير مقنعة، وعفى عليها الزمن، واللافت خلال مجريات اللقاء المباراة الخاصة بين قلب الأسد للهلال البليهي وأسطورة النصر كريستيان، وتفوق «أبو هادي» في كل شيء، لكن الحكم أشهر له البطاقة الحمراء في الرمق الأخير إثر الخلاف على الحركة التي كان يطل فيها من فتحات شباك المرمى للجماهير الصفراء التي تقف في ذلك المكان، وهي الطريقة نفسها التي سبق أن فعلها لاعب النصر تاليسكا، ومرت مرور الكرام.

الطرد لم يكن له مبرر، وتقبل الزعماء الموقف بصمت مطبق، لكي لا يفسدوا فرحتهم، وبرهنوا من خلال اللقاء تفوقهم الواضح على الجميع، وتحديدا من يستحوذ عليهم صندوق الاستثمارات، فقبل النصر كان الضحية الاتحاد مرورا بالأهلي، الذي قدم مباراة غير عادية أمام أبها، وتمكَّن بأدائه الجيد والتنظيم الرائع من اكتساح فخر الجنوب بستة أهداف، كانت قابلة للزيادة.

هذه النتيجة والمستوى يؤكدان أن قلعة الكؤوس له رأي آخر في القسم الثاني من الدوري، وهناك أمر آخر أنه رد الخسارة التي تلقاها من أبها في مسابقة الكأس، وكأنه يعاقب بقسوة من تسبب في خروجه منها.

نعود للهلال والنصر، حيث وسّع كبير الرياض الفارق لسبع نقاط، وقد تتضاعف المسافة على اعتبار أن النصر سيلاقي الاتحاد المدجج بالنجوم، والطامح لأخذ مقعد متقدم في سلم الكبار. وإذا ما أراد لاعبو الهلال الحفاظ على قمتهم والبون الشاسع فعليهم أن يلعبوا كل مباراة وكأنها نهائي، وعدم التهاون بالخصوم.

اللافت أن لاعبي الهلال خلال أربعة أيام سجلوا عدة أرقام قياسية: تحقيق خمسة عشر فوزا متتاليا، وهذا لم يسبق أن رسمه فريق سعودي، وكسر طوق المكاسب النصراوية التي تتوالى، وتلقينهم أكبر خسارة بالدوري، وتسجيل خمسة مكاسب متوالية في المشوار الآسيوي، علاوة على عدد الأهداف التي أودعها مهاجم الهلال وأفضل لاعب في القارة الآسيوية سالم الدوسري بتسعة عشر هدفا آسيويا، وهو رقم لم يسبق أن جسده لاعب سعودي في مثل تلك المسابقات.