إذا أردت تدريب شخص على أعمال النجارة، فلن تحتاج أن تشرح له تاريخ النجارة وأنواع الأشجار التي يقطع منها الخشب. بل ستأخذه إلى ورشة نجارة، تضع أمامه التصاميم والأخشاب وتعلمه كيف يقطعها ويركبها.

إن أردت أن تدرب طاهيًا، فستأخذه إلى المطبخ، تسلمه موقدًا و مئزر طهي، وإن أردت أن تقدم جراح قلب فستأخذه إلى غرفة العمليات وتعطيه مشرطًا وهكذا.

هذا تدريب، ويسمى إكساب المتدرب المهارة التي يطبقها في عمله تدريبًا على الجدارات. والحقيقة أنه لا تدريب دون وضع إطار للجدارات يحدد (المهارات) المطلوبة لأداء العمل ويركز عليها.

أقول هذا بعد أن حدثتني إحدى الزميلات عن حضورها (ورشة تدريب) في جهة عملها عن كيفية إعداد خطة للمنظمة. وشرحت لي كيف أن المدرب خصص الجلسات الأولى كلها للحديث عن أهمية التخطيط وفوائده ومن ينفذه. حتى إذا ما انتهى الوقت طلب من المشاركين إخراج ورقة و البدء بكتابة خطة مقترحة!! ثم قالت إنها خرجت من الورشة ولديها شعور بأنه ينتظرها عمل صعب ولا تعرف من أين ستبدأ!

تدريب كهذا ربما يرفع من ثقافة المشاركين في المجال النظري، لكنه قطعا لا يرفع من كفاءتهم ولا يزودهم بما يحتاجون إليه من مهارة في ميدانهم. والنتيجة وجود فجوة دائمة بين واقع العمل والنموذج المأمول، وبالتالي انخفاض في الأثر العائد من هذا التدريب.

والغريب فعلًا هو أن عددًا كبيرًا من الجهات لدينا ترفع شعار «التدريب المبني على الجدارات»، لكنها لا تنفذه، ولا تلزم المدربين لديها بإطار الجدارات المطلوب الذي يحقق مستهدفات الجهة، فإذا ما أخفق الموظفون في أعمالهم اعتقدت إدارتهم أنهم لا يلائمون تطلعاتها، والحق أنه لا يوجد موظف غير قابل للتطوير إذا حصل على تدريب ناجح وفعال.

التدريب المهني لدينا بحاجة لإعادة نظر شاملة، لا تسأل عن عدد ساعات التدريب التي تلقاها الموظف بل عن عدد الجدارات التي اكتسبها وأتقنها. كما إنه من البديهي عندما نتحدث عن الإتقان أن نشير إلى ضرورة وضع أهداف منطقية قابلة للتحقيق ضمن إمكانيات المنظمة، وقابلة -كما يتوقع منها- للتأثير بشكل إيجابي في المخرج النهائي للعمل.