هل تعبر الأعمال الفنية المصرية اليوم عن الهوية الجمعية لجيل الشباب في مصر، أم تعبر عن الفجوة بين الأجيال، وهي ظاهرة طبيعية تحدث في كل المجتمعات؟ في واقع الأمر إن الأعمال الفنية، ليس في السينما المصرية فحسب، أصبحت تتأثر بنمط الحياة الأمريكي (American Life Style) وأصبحت تستلهمه وتحوله لقالب محلي. ويمكن تبين هذا التأثر بالثقافة الأمريكية في الأعمال الفنية الهندية والكورية كذلك، في أسلوب الرقص والغناء والملبس والمأكل، فالأعمال السينمائية لم تعد تساهم في تصوير الحياة الثقافية للمجتمعات نظرا للتأثير الطاغي للثقافة الأمريكية في بقية شعوب العالم. فالقضية ليست صراعا بين الأجيال في الحقيقة.
يمكن ملاحظة الصراع بين الأجيال في مسلسلات وأفلام مصرية كما هي موجودة في الأعمال الفنية الهندية وحتى الغربية، ونشوء ثقافة الشباب التي تدور حول محور الفردية والاعتماد على الذات، وهي مرحلة ممتدة من انفصال الأفراد عن الروابط والقيود التقليدية، وهي كما أسلفنا ظاهرة كونية وطبيعية يمكن أن تحدث في أي مجتمع. وتصوير العوامل الاجتماعية المؤثرة في ملامح الأجيال وتغيرها وتحولاتها والتحديات التي تواجهها، مهمة جسدتها كثير من الأعمال الفنية، ولا يعني ذلك تأثرها بثقافة أخرى مهيمنة، ولكن الأعمال الفنية على المستوى العالمي بدأت فعليا تخرج عن سياقها الثقافي وتدخل مرحلة جديدة يمكن اعتبارها مرحلة القولبة الثقافية وفق نمط الحياة الأمريكية. تلاحظ ذلك بشكل واضح في الأفلام الهندية الجديدة التي أصبحت نماذج مكررة للأفلام الأمريكية، ولم تعد تعرض الرقصات والأغاني والأزياء الهندية التقليدية التي عرفت بها في حقبة التسعينيات الميلادية.
الأعمال الفنية سواء أكانت مسلسلات أو أفلامًا أو أغاني بدأت في الواقع تخرج عن سياقاتها الثقافية، وبالتالي أخذت تفقد بريقها ونكهتها الخاصة. فالعامل الرئيس لنجاح مسلسل مثل (لن أعيش في جلباب أبي) أنه استطاع نقل إحساس الشارع المصري وثقافته بدقة عالية، وإتقان يصل مستوى الاحترافية. فالمسلسل يكاد يخلو من أي تأثيرات ثقافية أجنبية، وهنا يكمن السر في جمالية المسلسل. في حين أن جل الأعمال الجديدة أخذت تنجذب تجاه أسلوب صناعة الأفلام الأمريكية وبالتالي فقدت سر النجاح الحقيقي، وهو اللمسات الثقافية المستوحاة من الشارع وحياة الناس البسطاء.