ملامح الحلم كانت أن يصبح إنسان هذه الأرض في سلام ونماء ورخاء ذلك ما استشرفه الإمام محمد بن سعود منذ أكثر من ثلاثمائة عام وهو يضع اللبنات الأولى لذلك الحلم في العام 1139 للهجرة، الموافق للعام 1727 للميلاد.
لم يكن الإعجاز في الفكرة وحدها.. فكرة أن يكون هناك وطن موحد، يخلو من آفات التشرذم، وآلام الصراع، وغياب الأمان، بل كان الإعجاز أيضا في ذلك التفكير الباكر، الذي سجّل في أضابير التاريخ اسم المملكة العربية السعودية، وعراقة وجودها، وعمق جذورها الضاربة في عمق الزمن.
جاءت الخطوات الأولى للتأسيس واثقة الرؤى، متكئة على إيمان بالله، ثم على عزيمة مليئة بقوة الشكيمة، وتحدي الصعاب، فوضعت بذرة الواقع الذي أصبح يراه الرائي ويلمسه القاصي والداني.
ولأنه تأسيس يرمز بعراقته إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية، كانت الالتفاتة الملكية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، حين أصدر أمره بأن يكون اليوم الثاني والعشرون من شهر فبراير يوما للتأسيس، فأصبح أيضا وفاءً لمن أسهم في خدمة الوطن من الأئمة والملوك والمواطنين على مر السنوات.
سنوات وعقود وقرون مرت على التأسيس، عاشت بلادنا خلالها العديد من التجارب، واشتد عودها بما مرت به من تحديات ومعوقات وصعاب، ليجيء موحد كيانها الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، قائدا لمرحلة جديدة، فاستطاعت المملكة بعزيمة رجالها وصلابة الآباء والأجداد أن تجتاز كل العوائق، وأن ترسم في جبين السنوات قصة توحيد وإنجاز تنقّلت من مرحلة الحلم إلى مراحل الواقع الذي يعيشه الناس، لتكون إحدى القصص الملهمة التي تميز المعادن الأصيلة والإرادات الصلبة.
هي مسارات عاشتها المملكة عبر مراحلها، واستمرت تتمدد متماهية مع الأحلام المتجددة ومعطيات العصر، وإمكانات بنيها الذين يمثلون هدف التنمية وساعدها القوي، إلى أن قيّض الله لها من يهندس رؤيتها نحو أفق باهر قادم من خلال رؤية المملكة 2030 التي وضع سماتها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وسارت المملكة على خطاها، يقودها باني نهضتنا الحديثة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وها هي الثمار تبدو يانعة، وها قد بتنا على مسافة خطوات من اكتمال مرحلة مفصلية، مليئة بالنماء والازدهار، وملبية أحلام التأسيس، التي ظلت تتطلع دوما لحياة مليئة بالرخاء والأمان والاستقرار والتقدم لمملكتنا وشعبها الأبي.
هو أمر ملكي كريم أقره قائد مسيرتنا الظافرة، ليصبح أحد قراراته التي ستظل باسمه عبر السنوات. كما هو أمر سيظل نبراسا لكل مسيرة تريد تأصيل جذورها، وتفخر بعراقتها، وتقطف ثمار إنجازاتها عبر أروقة الزمن.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، قائد المسيرة المكللة بالنجاح والتوفيق، وحفظ الله عضده وسنده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعاشت المملكة شامخة بعراقة تأسيسها ووجودها، ورسوخ واقعها المضيء، ومستقبلها الأكثر إشراقا بحول الله وقوته.