السعوديون كلهم يعملون على قلب إنسان واحد من أجل رؤية 2030؛ لقد تحدث بصراحة عن مجموعة واسعة من المواضيع. لم يخجل محمد بن سلمان من طرح الأسئلة الصعبة، وتحدث بصراحة عن آرائه حول كل شيء، بدءا من حقوق الإنسان والقوانين وحتى الحرب المستمرة في اليمن، والعلاقة مع الجارة إيران..إلخ.
لقد استخدم الفكاهة لتوضيح نقاطه. لم تكن مقابلة محمد بن سلمان مجرد سلسلة جافة من البيانات السياسية.
لقد استغل الفرصة للترويج لرؤية المملكة 2030 للجمهور الأمريكي. وأوضح محمد بن سلمان أنه يريد أن ينظر للسعودية على أنها دولة حديثة وتقدمية وقد حقق ذلك وبالأرقام، واستخدم المقابلة لتسليط الضوء على الإصلاحات التي نفذها في السنوات الأخيرة، وما ينوي فعله باستمرار هو دفع عجلة التقدم وهناك رؤية جديدة تلوح في الأفق وهي رؤية 2040.
أحد الجوانب الأكثر إبداعا في المقابلة كانت الطريقة التي تحدث بها دون تكلف وبصراحة شديدة تخجل حتى أذكى وأدهى القادة السياسيين. ففي مرحلة ما خلال المقابلة، تمشى مع المحاور بريت بير في جزيرة سندالة التي يتم بناؤها من الصفر في إشارة واضحة إلى المستهدفات السياحية للمملكة ولكن المثير أنه أشار إلى تطوير 50% من الجزر البالغ عددها قرابة الألف جزيرة مما يشير كذلك إلى اهتماماته البيئية، وكانت هذه طريقة قوية لإظهار نطاق وطموح برنامج الأمير الإصلاحي.
الجانب الإبداعي الآخر للمقابلة هو أنها جاءت بقرب اليوم الوطني المجيد، لتقول للعالم السعودية اليوم هي سعودية مختلفة وبطريقتنا الخاصة، ولم يخجل الأمير أو يتردد في الاعتراف بالمشاكل وأشار إلى أهمية إعادة النظر في القوانين والتي فيها جانب ثقافي يحتاج لوقت ليتغير ولكن الأهم أن الأمير صرح بأنها سوف تتغير لتناسبنا لا لتناسب الحضارات والشعوب الأخرى، وقد ساعد ذلك في فهم منطلقات الأمير وجعل اللقاء مشوقا أكثر.
بشكل عام، كانت المقابلة معبرة ونفذت بشكل إبداعي. كما تم تصوير المقابلة في جو مريح وغير رسمي. وقد ساعد هذا في خلق جو أكثر جاذبية من ناحية اتصالية، ولعل أهم نواحي المقابلة هي الشفافية التي تحلى بها الأمير حيث أفصح عن اهتماماته الشخصية الرياضية وبالأخص الألعاب الإلكترونية، ولعلنا هنا نستذكر دائما في اللاوعي وهذا أمر عالمي صورة القائد العظيم الطموح القوي الذي ليس لديه وقت لكن الأمير أضاف لهذا البعد بعدا إنسانيا فهو إنسان في نهاية الأمر يتابع الرياضة ويشجع منتخب المملكة ويلعب الألعاب الإلكترونية وفي ذات الوقت يستثمر فيها.
أجرى هذا اللقاء التاريخي المذيع المعروف في الأوساط الأمريكية بريت بير، وهو مذيع محافظ سياسيا في قناة «فوكس نيوز»، وأضاف اختيار المحاور إلى الدراما والتشويق في المقابلة، وقد
تم بث المقابلة في وقت الذروة على قناة «فوكس نيوز»، مما منحها جمهورا كبيرا ومتفاعلا وأصداء مثل هذه المقابلات التاريخية سوف تستمر لأمد بعيد ولعل المشاهد الأمريكي الذي يعاني داخليا من تقلبات السياسة الأمريكية بين الديمقراطيين والجمهوريين سوف يجد الإجابة الشافية عن من هي السعودية حقا.
كانت مقابلة الأمير محمد بن سلمان مع قناة «فوكس نيوز» مثالا ناجحا لكيفية استخدام زعيم عالمي لأساليب مبتكرة ومختلفة للتواصل مع الجمهور من مختلف الثقافات، ولعل نتائج هذه المقابلة المذهلة لا تعد ولا تحصى والقادم أكثر يا سادة!