ورد اسم جازان في كتاب الخراج ليحيى بن آدم المتوفى سنة 203هـ، فقد أورد حديثا أن رجلا قال: يا رسول الله أحب الجهاد والهجرة وأنا في حال لا يصلحه غيري، فقال له «لن يألتك الله من عملك شيئا ولو كنت في ضمد وجازان»، كما ورد اسم جازان في كتاب اليعقوبي المتوفى سنة 278هـ.
وذكره الحمداني في كتاب صفة جزيرة العرب ضمن أودية حکم، ولم يذكره كمدينة أو قرية.
وجاء في معجم البلدان لياقوت عند ذكر سواحل القلزم (فرأس حكم فباحة جازان)، ولم يذكر مدينة أو قرية بهذا الاسم، وأورد اسمه: وجازان موضع في طريق حاج - مكة - صنعاء- انتهى.
مدينة جازان الساحلية نرجح أنها قديمة كقرية ساحلية، وإن كنا لم نعثر على نص تاريخي يؤيد ما نرجحه.
فقد ذكر اليعقوبي جازان كوادٍ لا مدينة، وما أورده الهمداني في كتاب صفة جزيرة العرب، وهو عن بحر جازان أي بحر وادي جازان، عن موضع في طريق حجاج أهل جنوب الجرز، والموضع هو غير القرية أو المدنية طبعا، ولم نقف على اسمها كفرضة - ميناء - إلا في القرن السابع فيما أورده صاحب العقد الثمين عند ذكر الذروي وقوله بأنه نزل في فرضة جازان.
أما بعد ذلك فقد تردد اسمها في غير مصدر، وكان يتميز عن جازان العليا باسم جازان الساحل.
أما أسباب ترجيحنا لوجودها كقرية صغيرة وميناء لوادي جازان المعمور بالقرى والمزارع من مساقطه إلى مصب حول مدينة جازان - جنوبا وشمالا - فإنه الميناء الثاني في مخلاف حكم بعد «الشرجة».
وميناء خاص لوادي جازان بعد توحید مخلافي (حکم) و(عثر) تحت اسم المخلاف السليماني، نسبة إلى اسم موحدهما سليمان بن طرف الحكمي في القرن الرابع الهجري، ونقدر أنه بعد خراب مدينتي: الشرجة الميناء الجنوبي للمنطقة ومدينة عثر الميناء الشمالي، أخذ ميناء جازان في البروز على مسرح الأحداث، وفي ميدان التاريخ كمدينة وميناء رئيسي.
المعروف عن مدينة جازان إلى أواخر العهد العثماني - كما فهمت من المعمرين الذين أدركوا ذلك العهد - هو أن أحياء مدينة جازان كانت لا تعدو حي الساحل، الذي ينتهي بمسجد الخضير والجمرك القديم وحوش عيسى زيلعي (مبنى البرق والبريد حالياً)، وكان الجامع القديم وحوش عيسى زيلعي خارج العمران، حيث البيوت السكنية شمالي مسجد الخضير، وآخر العمران من السرة الجنوبي مسجد الثميدي وما سامته إلى الميدان. ولم يكن حي المسطح إلا فضاء غير مسكون. وفي آخر العهد العثماني بدأ الناس في عمارة الجهة الشمالية، وفي العهد الإدريسي بدأ العمران من الشرق الجنوبي والشرق من مسجد الثميدي، وتوقف العمران عند المسجد الذي عمره يحيي زكري والمعروف بهذا الاسم للآن. وبيت الإمارة القديم المعروف ببيت المركزي - المستشفي الخربان حاليا - وعمر ما سامته جنوباً إلى بيت الشيخ محمد يحيى باصهي وبيت العابد الإدريسي، ووراء بيت العابد الإدريسي مباشرة طريق المضربية - شارع الملك عبد العزيز حاليا - الذي كان يفصل بين المقبرة وبين بيت العابد الإدريسي - وليس وراء بيت العابد وباصهي ومسجد الزكري من الجهة الشرقية إلا الفضاء أو شمالا إلا طريق المضربية، منجم الملح، التي رفعت في سنة 1397هـ، ومن المنجم المقبرة جنوباً وغرباً إلى تحت القلعة.
رفعت شركة فرنسية في عام 1396هـ الردم الحاضر إلى رأس جبل البرج، وإلى أوائل العهد الإدريسي طول المدينة من الشاطئ إلى بيت علي سويد - آخر شارع الملك فيصل حالياً - 600 متر في عرض (700) متر تقريباً، من شاطئ الحافة شمالا إلى بيوت زعقان جنوباً. وفي العهد الإدريسي توسع العمران من مسجد الثميدي شرقاً إلى مسجد الزكري أي من الميدان جنوباً إلى بيت العابد الإدريسي سابقاً. وإلى أواخر العقد الخامس، كانت رقعة مدينة جازان تشکل حرف (u) (يو) قاعدته بيت علي سويد الأنصاري أول شارع الملك فيصل، والذي طوله من الشاطئ إلى نهايته 600 م، أما رأس الحرف أو طرفه الشمالي من الشرق فبيوت عيسى زيلعي، ومن الجنوب الشرقي، فبيوت الأدارسة - المستشفى حالياً - ومسجد الزكري وبيوت باصهي، وجنوباً تحدد بما يعرف الآن بشارع الملك العزيز من الناحية الشمالية، أما الناحية الجنوبية ففضاء ومقبرة، وكان وسط الحرف (يو) يطلق عليه اسم الميدان.
1979*
* شاعر ومؤرخ سعودي «1916-2003».