الأسبوع الماضي تابعنا حالة تنمر تعرض لها شاب سعودي في وسائل التواصل الاجتماعي، وتابعنا أيضا ردود الأفعال على تلك الحالة.

من طبائعنا البشرية أن نشعر بالانجذاب للحديث والارتياح مع أولئك الذين يفكرون ويتصرفون مثلنا، ومن هنا كان الانحياز للأقارب والقبيلة أو الأصدقاء.

ورغم أن هذا الشعور يجعل الكثير منا يشعر بالارتياح، إلا أنه من جانب آخر، هو مؤذ وغير صحي ويجعلنا نعتقد أن الطرف الآخر الذي نختلف معه، هو مخلوق ضار وقد ننعته بعبارات عنصرية وغيرها من الألفاظ النابية.


إن الواقع الذي يجب أن نؤمن به أن أطفالنا وأجيالنا الحالية، تتم تربيتها وتنشئتها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما تلك الفئة في مرحلة المراهقة، وهي مرحلة اختيار وتحديد المستقبل.

وأسوأ ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي، خطابات الكراهية والعنصرية والعنف وعدم قبول الرأي الآخر بل وأحيانا المبالغة في نشر ردود الأفعال القبيحة بحجة حرية التعبير.

إن قيم وعادات وتقاليد كل مجتمع يجب احترامها وعدم التقليل منها، ويجب ألا نفرض ما نؤمن به ونعتقد على الآخرين، يجب أن نؤمن بالاختلاف، وأن ننهج مبدأ الحوار والحديث، ليس بغرض الفوز ولكن من أجل الاستماع الجيد والتعلم.

الكثير منا جميع أفعالهم وتصرفاتهم موروثة، والبعض منها مكتسب، وأول محاولات التغيير، أن نبدأ الاعتقاد أن نظرياتنا وآراءنا عن بعض الأمور قد تكون خاطئة، ولا بأس في الاستماع للرأي الآخر والحوار والنقاش معه.

إن الانفتاح والحوار والنقاش، هو ما يجب أن نركز عليه من خلال وسائل التواصل، وهذا ما سيساعدنا جميعا على تقبل وفهم اختلافاتنا.

علينا أن نتعلم كيف نشكل وجهات النظر السليمة عن الطرف الآخر، وأن نبتعد عن التشدد ونعت بعضنا البعض بألقاب وصفات مهينة.

وعلينا ومن خلال وسائل التواصل أيضا، الاستمرار في مناقشة القضايا التي تتسبب في تفرقة المجتمع، والتركيز على القضايا والأمور التي توحدنا وتقوينا كمجتمع ووطن وأمة.

إن الاستماع للطرف الآخر، لا يعني دائما أن نغير وجهات نظرنا ومعتقداتنا، ولكنه على الأقل يعني أن نتفهم وجهة النظر الأخرى، نحترمها ونقدرها وهذا سيساعدنا أيضا في تقبل الآخرين لأفكارنا وآرائنا. لهذا ولمعرفة من حولك سواء على صعيد الحي أو العمل أو أصدقاء التواصل الاجتماعي، حاول أن تثير موضوعا مزعجا يحمل فكرة مختلفة، وعندها تستطيع التعرف على معايير القبول والرفض لدى أولئك الأصدقاء. ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن نركز على تلك القضايا التي تضفي الطابع الإنساني على وجهات النظر المخالفة، والتي تسمح لنا برؤية بعضنا البعض بمستوى عال من المصداقية والشفافية.

إن التعود على خوض المحادثات وعدم التشنج للفكرة أو الرأي، سيساعدنا أكثر في فهم الأشخاص الآخرين الذين يفكرون بطرق مختلفة.

ومن خلال هذه المحادثات الهادفة قد تنجح في إقناع الطرف الآخر بفكرتك الوجيهة، أو قد تعيد التفكير في الفكرة التي تدافع عنها.

وأخيرا علينا من الآن فصاعدا أن نركز على الحوارات الإيجابية، وعدم الحكم على الآخرين من خلال أفكارهم وألوانهم.