رأينا الكثير والقائمة تطول، والفجوة تتسع، ويجد المجتمع نفسه مجددا في مواجهة الظلاميين الذين أغلقت منابرهم القديمة، فتشكلوا في صور أكاديميين ورجال قانون ومشاهير تواصل تستضيفهم الفضائيات.
عاصفة هوجاء من التنمر و الإساءة والتدخلات في أدق خيارات المرأة، وإطلاق التصريحات والتلميحات المضادة لمشروع تمكينها.
الأمر لا يقتصر على منصات التواصل الاجتماعي كما يعتقد البعض، بل يتحول إلى تعبئة يومية ضد السعوديات تحديدا. وهذه التعبئة يترجمها البسطاء إلى سلوك قلق مع زوجاتهم وبناتهم.
يعلم الجميع أن محاربي المرأة السعودية هم فلول الصحوة البائدة، ذلك المشروع الذي كان استهداف المرأة وإضعافها هو أهم ميادين عمله، بل ورقة رهانه المضمونة، نظرا لقوة تأثير المرأة في تشكيل توجهات المجتمع وتأطير مسلماته.
يساهم المحاربون للمرأة في خلق ساحات معارك افتراضية، تعمل على تغذية الشعور الجمعي بالخوف من خطورة استقلال المرأة وحصولها على حقوقها المشروعة، وربط هذا بالفساد الأخلاقي أو بانخفاض حقوق الرجل ومكانته، ثم يشكل هذا التيار حالة استنفار لمعاقبة المرأة بتشويه سمعتها أو بالحث على الزواج عليها أو بإسقاط نفقتها الشرعية أو بتصنيفها أصلا بأنها غير صالحة للزواج. فضلا عن نشر وتداول ألفاظ مخالفة للآداب العامة لتوصيف المرأة.
لقد جربنا حالات الحقن الأيديولوجي الجماعي سابقا، ونفهم تماما الفرق بينها وبين حرية التعبير، كما نفهم تأثيرها العميق جدا في المستوى الاجتماعي بمرور الزمن.
التعبئة الأيديولوجية التي يفسح لها المجال تصبح تجربة تراكمية، تطور أساليبها وتتحول بمرور الوقت إلى تيار تصعب مقاومته.
من هنا فإنني أدعو المسؤولين والمشرعين للعمل على إيجاد نص قانوني يجرم الإساءة للمرأة السعودية خاصة وللمراة عموما، وأن تصنف الإساءة للمرأة كنوع من التمييز.
لا شك بأن القانون هو الضابط لسلوك أي مجتمع والكاشف لحقيقة توجهاته، ورغم وجود نظام للحماية من الإيذاء ومدونات لحقوق المرأة وغيرها من التشريعات، إلا أن إيجاد نصوص مفصلة سوف يميز بين البسطاء المندفعين دون وعي، وبين أصحاب المشاريع الذين يعملون الآن (تحت الغطاء)، وأي غطاء سيكون أقوى من تخويف مجتمع عربي مسلم من النساء وتحريضه ضدهن!