كثيرا ما تحرص النساء اللواتي يؤدين مناسك الحج على ارتداء لباس باللون الأبيض اعتقادا منهن أن الإحرام باللباس الأبيض شرط لأداء المرأة هذه الفريضة.

وعبر سنوات طويلة، وعلى الرغم من كثير من الفتاوى من علماء الدين وشيوخ الإفتاء، إلا أن ظهور كثيرات من الحاجّات بهذا اللباس خلال أدائهن للمناسك عزز الاعتقاد -على نحو غير صحيح- باشتراط هذا الإحرام كواحد من سنن أداء الفريضة.

ولعل حرص الرجال كذلك على ارتداء ملابس إحرام بيضاء، كرس ذلك الاعتقاد غير الدقيق في الأذهان حول أن ملابس الإحرام يجب أن تكون بيضاء اللون.


ويشدد العلماء والفقهاء على أن ارتداء الأبيض للإحرام ليس واجبا على من يريد الحج، أو العمرة، فإن لبس المُحرِم لونا آخر فإن عمرته وحجّه مقبولان، وهذا ما أكدت عليه وزارة الحج على موقعها، مشيرة إلى أنه «ثبت عن النبي محمد (صلى الله عليه الصلاة والسلام) أنه طاف مضطبعا ببرد أخضر».

وحسب موقع الوزارة، فإن الألوان الأخرى جائزة، ولكن فٌضل الأبيض، لما جاء في الحديث النبوي الشريف: «البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم»، مؤكدة أن الأبيض هو سيد الألوان حيث يوحي بالبراءة والصفاء ومن معانيه الطّهارة والبساطة.

ولم تميز الوزارة بين الحاج والحاجة في لون اللباس المفضل، بل جاءت في المسألة على إطلاقها.

بلا تخصيص

على صعيد المرأة الحاجة تحديدا، يؤكد الباحث الشرعي عبدالعزيز صقر أن «المرأة ليس لها ثياب مخصصة لأداء فريضة الحج، وليس هناك تقييد لها بلون معين، بل إنها نهيت عن لبس النقاب أو ما يظهر عينيها فقط، وعن لبس الزينة كذلك، وعن التشبه بلبس الرجال، ونهيت كذلك عن لبس ما خيط ونسج للوجه خاصة، ولكن لا بد من أن تلبس المرأة في الحج ثيابا ساترة لا تظهر محاسنها، لذلك نجد أن هناك اعتقادا لدى كثيرات من النساء، وتحديدا القادمات إلى أداء فريضة الحج من خارج المملكة، بأن لبس الإحرام للنساء يجب أن يكون باللون الأبيض، وهذا غير صحيح، فالمرأة تلبس ملابسها العادية التي تَسْتُر كل جسمها، وإحرامها معناه ألا تغطي وجهها ولا كفَّيها، وأما ما عدا ذلك ففرض عليها أن تستره».

لبس ما تيسر

يشير المستشار الشرعي صقر إلى أن المرأة يحق لها أن تلبس ما تيسر لها من الألوان، ولكن لا بد من الالتزام بعدم لبس الثياب التي تدل على الزينة وتلفت الأنظار، وألا تلبس قفازين في اليدين، وإذا أرادت تغطية وجهها فعليها فعل ذلك ولكن دون النقاب، حيث تقول عائشة رضي الله عنها «كنا مع النبي في حجة الوداع فإذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا خمارها على وجهها من رأسها، فإذا بعدوا كشفنا». مضيفا «سبق أن أشار الشيخ ابن باز إلى أن من السنة للمرأة أن تحرم في ملابس غير جميلة، وغير لافتة للنظر، تحرم في ملابس، ليس فيها فتنة لأحد، أما البيض ففيها نظر، لأن فيها تشبه بالرجال، إلا إذا كانت على هيئة لا تشبه الرجال، كأن يكون فيها نقط، تلبسها النساء في العادة، أو خياطها في جيبها، ويديها، وتفصيلها يخالف طريقة الرجال فلا بأس. والأفضل أن تكون ملابسها خافتة، ليس فيها ما يلفت النظر، والبيض قد تلفت النظر، فينبغي أن تكون ملابس ليس فيها ما يلفت النظر، ولا تسبب الافتتان بها من الرجال».

إحرام الرجل والمرأة

من جهتهم، أكد عدد من المستشارين الشرعيين أن اللون الأبيض في ملابس الإحرام ليس شرطا من شروط الحج، فإن لبس الرجل أو المرأة لونا آخر فإن حجهم وعمرتهم مقبولان، والضابط في ملابس الإحرام كما بيّن العلماء والفقهاء ألا تكون مخيطة للرجل، ويستحب أن تكون بيضاء، فيلبس إزارًا ورداءً أبيضين، وإن كانت من لون آخر كالأحمر والأسود فلا حرج، لقوله صلى الله عليه وسلم (البسوا من ثيابكم البياض).

دار الإفتاء المصرية

أفتت دار الإفتاء المصرية أن المرأة الحاجة أو المعتمرة تلبس ملابسها المعتادة الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها، ولا تكشف إلا وجهها وكفيها، وعليها ألا تزاحم الرجال، وأن تكون ملابسها واسعة لا تبرز تفاصيل الجسد ولا تلفت النظر، والمستحب الأبيض.

شروط للحج

يتفق العلماء على أنه يجوز للمرأة أن تلبس ما تشاء من الثياب في الحج، مع مراعاة معايير اللباس الشرعي الخاص بالمرأة المسلمة من الستر وعدم التبرج.

والشروط الواجب توفرها في ملابس الإحرام أن تكون ساترة لجميع البدن، وأن تكون واسعة غير ضيقة، فلا تظهر معالم جسدها، وألا تكون شفافة تكشف ما تحتها، كما لا يجوز لبس النقاب هو وما تستر به المرأة وجهها إلا عينيها، وإذا أحرمت المرأة في عمرة أو حج، فإن ما ينطبق على الرجل ينطبق عليها، ولكنها تختلف عنه في بعض الأحكام اليسيرة، ويجب عليها اجتناب لبس النقاب والقفازين، فإن لبستهما، وجب عليها فدية، فإما أن تذبح هديًا، أو تطعم ستة مساكين، أو تصوم ستة أيام، ولا يحل لها الخروج معطرةً ولا متبرجةً وأن تجتنب محظورات الإحرام كلها، موضحين أنه ليس للمرأة لباس خاص في الإحرام، فهي ليست كالرجل في حظر لبس المخيط، ولها أن تحرِم بثيابها العادية.

والمستحَب أن تكون الثياب التي تحرِم بها المرأة خالية من الزينة، ليست فيها شهرة، وتكون بأي لون ولكن تبتعد عن الألوان التي تلفت الأنظار، مع الحرص على ستر كل ما يمكن أن يُفتتَن به الرجل من حليٍ، وغيرها.

غير مستحب

يرى الشيخ عبدالإله الصافي، وهو إمام مسجد، أن المرأة غير ملزمة بلبس إحرام أبيض اللون، وقال «هذا من الأمور التي يجب التنويه إليها، فهناك اعتقاد سائد بين النساء أنه إذا أرادت إحداهن الحج، أن تتقيد باللون الأبيض»، معتبرًا ذلك غير واجب، وغير مستحب، وأنه للمرأة أن ترتدي أي لباس شرط ألا يظهر مفاتنها ولا يكشف أو يوضح شيئا من جسدها، وأن يكون واسعًا وساترًا.

وأشار إلى أن بعض حجاج الدول الأخرى يأتون إلى الحج ونسائهم يرتدين جميعا اللون الأبيض معتقدات أنه لباس الحج، وهذا غير صحيح، ولا نعده أمرًا غير جائز، وإن كان بعض المشايخ قد قالوا إن لبس المرأة للأبيض في الحج فيه تشبه بالرجال، ولكن لا نجزم أن هذا محرم، بل على المرأة البعد عنه، وارتداء ألوان أخرى غير ملفتة.

وركز على ضرورة أن تكون المرأة مستترة أثناء أداء مناسك الحج، وأن تحذر كشف الوجه أو الكفين أمام الرجال، أما إن كانت في وسط النساء فتكشف الوجه والكفين إذا أمنت ألا يراها أحد من الرجال، كما أن عليها تجنب الملابس الشفافة التي تظهر شيئًا من جسدها، والضيقة التي قد تكشف تفاصيل جسدها.

من جانبها، أكدت المطوفة حليمة عبدالغفار، أن للمرأة أن ترتدي في الحج ما تيسر لها من الألوان دون تحديد، مع مراعاة فقط ألا تكون الألوان لافتة لنظر الرجال، وأن يكون ما تلبسه ساترا لها ولبدنها.

وتقول «في العادة تأتي النساء من خارج السعودية عبر الحملات بزي موحد وهذا أمر اعتدنا عليه، لكن النساء من الداخل يلبسن ما تيسر لهن مع حرصهن على اللباس الطاهر الساتر غير المنافي لاشتراطات إحرام المرأة، وألا تلبس النقاب والقفاز».

%30 من المبيعات

أوضح أمجد عادل، وهو بائع في محل لبيع ملابس الإحرام أن مبيعات ملابس الإحرام للنساء تخطت الـ30% من مبيعات المحل، موضحا أن أغلب الشاريات هن من المقيمات اللواتي يرغبن بحج هذا العام.

وبين أن المحل يوفر لباس الإحرام الخاص للنساء، وهو لباس مصنوع من القطن ويعد الأكثر مبيعا لحملات الحج.

وعن الأسعار، يقول «الأسعار متفاوتة حسب نوع القماش وسماكته، وهي لا تتجاوز الـ100 ريال حتى الـ120 ريالا».

ويضيف «يتكون لباس إحرام المرأة من خمار وبنطال وقميص»، مشيرا إلى أن حملات الحج تشترط عادة أن يكون اللون المطلوب لإحرامات النساء، هو اللون الأبيض الناصع، وهو ما يتم توفره في كافة محلات بيع ملابس الإحرام.

من جهته، أوضح عبدالعزيز سالم، وهو بائع في محل لبيع ملابس الإحرام أن أكثر من يتردد على المحل قبيل دخول الحج هن النساء المقيمات اللواتي يحرصن على لبس الإحرام باللون الموحد.

ويقول «لا يشترط للنساء لباس موحد، بل يمكن للمرأة أن تحرم بملابسها العادية الساترة، وحين نوضح لهن أن المرأة تستطيع الإحرام باللباس الساتر لها دون تحديد لون معين يستغربن حديثنا، ويبدين انزعاجهن من عدم توفير الإحرامات النسائية بكثرة في السوق».

شروط لباس المرأة في الحج

ـ تلبس ما تشاء من الثياب بمعاييرها الشرعية الخاصة بالمرأة المسلمة من الستر وعدم التبرج

ـ أن يكون واسعا غير ضيق، ولا يظهر معالم جسدها

ـ ألا يكون فيه تشبه بالرجال

ـ لا يشترط فيه لون بعينه

ـ ألا يكون فيه تشبه بالكافرات والفاسقات

ـ ألا يكون شفافا يكشف ما تحته

ـ ألا يكون زينة في نفسه فيلفت إليها.