مع انتهاء حقبة الاستعمار اعتقدت الدول التي نالت حريتها أن معاناتها مع الاستعمار والعبودية قد انتهت، ولكنها ما لبثت أن وجدت نفسها تحت وطأة استعمار آخر، وذلك ليس من خلال الوجود العسكري ولكن من خلال إحكام القبضة الاقتصادية وخنق المجتمعات والتحكم في مواردها وقدراتها وعندما تحاول أي دولة الخروج من هذه الدوامة تتفاجأ بهيمنة الأذرع التي فرضتها الدول الغربية لاستنزاف تلك الدول وهذه الأذرع تتمثل في صندوق النقد الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الوهمية وعصبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

في 19 مايو 2021 نشر موقع العربية تحذيرًا على لسان الملياردير ومدير صناديق الاستثمار، الأمريكي ستانلي دروكنميلر، قال فيه إن الدولار قد يتوقف عن كونه العملة الاحتياطية العالمية السائدة خلال 15 عامًا. وكانت تلك التصريحات متزامنة مع صمود الدولار لما لا يقل عن 4 عقود.

وأظهر استبيان لصندوق النقد الدولي، أن حصة الدولار الأمريكي من احتياطي النقد الأجنبي لدي البنوك المركزية عالميًا تراجعت إلى %59 خلال الربع الرابع من عام 2020، وهو أدنى مستوى له منذ 25 عامًا.


بينما كانت قيمته %71 من الاحتياطي وذلك عند إطلاق عملة اليورو في العام 1999.

كما أوضح الاستبيان أن الدول التي تتعامل مع الاتحاد الأوروبي أو التي تربطها بها اتفاقات تجارية، تفضل أن تحتفظ باليورو كعملة احتياط عن الدولار. ويعتقد الخبراء أن احتفاظ الدولار بدوره المهيمن حتى الآن كعملة احتياط أمر نسبي وليس مطلقا، حيث يستمر كل من اليورو واليوان الصيني في سحب البساط من الدولار.

ولعل المشكلة الرئيسية التي كانت تواجه اليورو واليوان هو افتقادهما إلى سوق سندات حكومية وهو أمر تم التنبه له مع حالة الوباء التي اكتسحت العالم حتى أصبح اليورو يمثل حاليًا ما قيمته %25 من احتياطي العالم.

وفيما يتعلق باليوان الصيني، فإن بكين ملتزمة بحربها ضد الدولار، حيث تشجع بقوة استخدام اليوان في جميع التعاملات التجارية.

ومع الصدام العسكري بين روسيا وأوكرانيا يرى بعض الخبراء الماليين أن القيود المالية واسعة النطاق على روسيا لا يبدو أنها مؤثرة بشكل فعال، فعلى العكس تمامًا، قد يترتب عليها نتائج كارثية بما في ذلك فقدان سلاح «العقوبات» نفسه لأي تأثير مستقبلي وبداية لانحسار نفوذ واشنطن العالمي.

بينما يرى البعض الآخر استحالة سقوط الدولار كعملة احتياطية مستشهدين بأن أسوأ ما تعرض له الدولار كان عام 1985 عندما هبط بنسبة كبيرة جدًا ولكنه عاود الارتفاع لاحقًا، كما أنه ما زال وحتى اللحظة يحتل ما نسبته %60 من احتياطي النقد الأجنبي، وكذلك عدم وجود عملات منافسة تحظى بنفس المقدار من السيولة والتأثير في العالم.

وبما أن أوبك هي المنظمة العالمية التي لا تخضع للهيمنة الغربية وتشكل تهديدًا لهم، فقد تم في عام 2000 الإعلان عن مقترح قانون نوبك وهو قانون منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط مما قد يمهد الطريق أمام مقاضاة دول أوبك لكبح جماح الإنتاج الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط. ورغم صعوبة تخلي دول أوبك عن الارتباط بالدولار فإنه أثبت أنه خيار إستراتيجي لمواجهة الغرب وكبح نفوذه.