رحل عن الأرض وعن هذه الدنيا الكاتب الصحفي ورجل الدولة والهامة والقامة مقبول بن فرج الجهني (رحمه الله)، يوم الإثنين 27/07/1443 هـ، في حادث مروري كان سببا في وفاته، وهذه الدنيا لا تبقي على أحد، ودفن بالبقيع بالمدينة المنورة، رحِمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وإننا لحزينون على فراقك، فالقلب يحزن والعين تدمع ولكننا صابرون، نحتسب الأجر من الله سبحانه الحي الدائم الذي لا يموت.

إنني أعزي الوطن في فقد أحد أبنائه ورجاله المخلصين المحبين لهذا الوطن وقيادته، وكذلك أعزي صديقه الدكتور تنيضب عواده الفايدي أديب المدينة المنورة المعروف، وكذلك قبيلة جهينة في وفاة أحد شيوخها ورموزها وأدبائها.

ومهما كتبت فعند الكتابة عن شخصية في مقام مقبول الجهني تحتار، وقد يصعب عليك لأنك تتحدث عن شخصية غير عادية. رجل خدم دينه ثم مليكه ووطنه وكل من يعرفه، ولا يتأخر في تقديم المشورة والرأي السديد، كذلك يبذل الجهد والوقت، ويمتاز بحنكة وأسلوب في التعامل، اكتسبه من خلال عمله وتجربته في الحياة في كل مجالاته، رجل المعرفة والعلم والإعلام الذي تخصص فيه وأبدع، يملك كاريزما خاصة، وهذا قليل من كثير، ولعل ما كتبه عنه عضو مجلس الشورى السابق ومدير التعليم في منطقة مكة المكرمة الأسبق سليمان عواض الزايدي، في مقاله كلمات وفاء ودرر كتبت، ولأنها تحفة أدبية في أدب الرسائل يسعدني نقل الرسالة التي وجهها حيث كتب: (الزميل الرائد مقبول بن فرج الجهني مثال للرجل العصامي الذي حفر الصخر بأظافره، وشق طريقه بقوة، وتمكن، وإرادة، وطموح، وأصبح نموذجا للمواطن المنتج. مقبول.. رجل غیر متلون، صنع تاريخه الأبيض بعناية، شجاع مقدام لا يغيب عن المواقف الصعبة، ولا تلين له قناة أمام الشدائد، ولا يفتر له عزم في كل حين، يدافع عن الحق ببسالة، وإصرار. مقبول.. وطني قح، اختزن حبُ الوطن في وجدانه - شاباً متدفقاً حيوية، وشيخ حكمة وقورا - فمحض الوطن إخلاصه، وأعطاه جل وقته، ومنحه بنات أفكاره، ووهبه كل حياته. مقبول.. رجل شيمته الوفاء، وناموسه بذل المعروف، وسعادته في قضاء حاجات الناس، وإسعاد من يعرف ومن لا يعرف، وهذا خلق المسلم ودیدنه. مر مقبول بمواقع عملية وطنية في التعليم، الإعلام، الإدارة، العمل الاجتماعي وفي كل موقع مر به كان العلم الذي لا تغيب شمسه، وصاحب البصمة التي تقول مر من هنا رجل. نشأة مقبول المكية، قوّت من صلابة عوده، وصنعت منه وجیه مجتمع بارزا، ووطنيا حد وطنيته السماء، ورب أسرة مثاليا، اعتنى بأبنائه غاية العناية، تنشئة وتربية وتعليما، فاقتفى الأبناء النجباء خطى القدوة، وحازوا الترقي في سلم المعرفة، والتفاني في خدمة الوطن. مقبول.. رمز من رموز قبيلة جهينة، وعلم من أعلام الوطن، وسيبقى اسمه، ورسمه في وجدان المجتمع الذي أحبه، وفي ذاكرة الوطن الذي أخلص له، تحية تقدير لهذا الرمز، مد الله عمره، وفي صحته، وصلاح ذريته). فشكرًا للزايدي على كلمات وفاء كتبها لتبقى نبراسا يقتدى بها عبر الزمان.