اعتقد الكثير أن الاعتماد على العمل عن بُعد خلال الجائحة سيسهم في التخفيف من ضغط العمل على الموظفين، ولا سيما التنفيذيين، إلا أن الأبحاث التي أجرتها شركة مايكروسوفت العالمية أظهرت انخفاض معدل رضا الموظفين %13، والسبب الرئيسي في ذلك مواعيد الاجتماعات عن بُعد في غير الأوقات الرسمية، مما تسبب في عدم استفادة الموظفين من أوقات الراحات والإجازات بشكل سليم.

ويرى غالبية العاملين في المؤسسات والشركات الخاصة أن 2021 لم يكن سوى عام من الإرهاق والعمل المتواصل. ومع تغيير نظام التعليم بالعام الحالي، فإن العاملين في المؤسسة التعليمية يرون أن بيئة العمل أصبحت أكثر إرهاقا، ولا سيما أن هناك أعمالا حضورية بصفة يومية، بالإضافة إلى الكثير من الأعمال الإلكترونية كتطبيقات الاجتماعات عن بُعد والـ«واتس آب» والإيميلات. وقد أدى هذا إلى ظهور متلازمة يطلق عليها «الإرهاق الرقمي» التي تتسبب بشكل مباشر في الإجهاد الذهني، وانحسار ساعات النوم، وعدم القدرة على التركيز بشكل أفضل.

إن الإفراط في التعاون لمصلحة العمل خارج أوقات الدوام الرسمي أحد أهم الأسباب في عدم تحقيق التوازن بين العمل ومتطلبات الحياة الشخصية. وعليه، ومع ارتفاع ساعات العمل في تلك الأوقات، انخفض معدل رفاهية الموظفين، وظهرت بوادر ذلك في تقديم العديد منهم طلبات التقاعد المبكر في المؤسسات الحكومية. كما ارتفع معدل طلبات النقل الداخلية والخارجية، في محاولة من الموظفين للبحث عن مواقع عمل أقل جهدا واستنزافا للوقت.


ولعلنا نركز حديثنا اليوم في استخدام وسائل الدردشة والإيميل في تغطية بعض جوانب العمل خارج الدوام الرسمي، حيث إن الأبحاث التي نشرتها بعض الشركات العالمية، ومنها مايكروسوفت، أوضحت أن بعض الموظفين يقضون ما يقارب 6 ساعات في ممارسة الأنشطة التعاونية لمصلحة العمل، وأن البعض من هؤلاء الموظفين يستخدم ما نسبته %50 من الإيميل الرسمي خارج أوقات الدوام. أما استخدام دردشات الـ«واتس آب» لقروبات العمل، فقد شكل ما نسبته %46 من ساعات العمل خارج الدوام الرسمي، وكان متوسط انخفاض وقت الإجازة الفعلي للموظفين ما يقارب %53.

ويرى القائمون على تلك الأبحاث أن الحلول الرئيسية تكمن في تحديد أولويات العمل، والتركيز على إنجازها خلال أوقات الدوام الرسمي، وكذلك التقليل من الاجتماعات، سواء الحضورية أو عن بُعد، التي تستهلك الكثير من الوقت، ويمكن استبدال رسائل قصيرة أو إيميل رسمي أو تعميم بها. كذلك ينصح بالسماح باستراحات قصيرة، ولا سيما للموظفين الذين يعملون بنظام المناوبات لساعات طويلة. ومن النصائح أيضا أن نجنب الموظفين الأعمال الإضافية في بداية الأسبوع ونهايته، حتى يتمكن الموظف من قضاء عطلة نهاية الأسبوع بعيدا عن توترات العمل ومتطلباته. أما يوم الأحد، فينصح وبشدة تجنب الاجتماعات والأعمال المرهقة. وآخر تلك النصائح الاستفادة من التكنولوجيا في احترام فترات الراحة، وتقنين استخدامها بما لا يتجاوز الساعة إلى الساعتين خارج أوقات الدوام الرسمي.