استغربت جدا وبلغت بي الدهشة مبلغا عظيما من الذين غضبوا من أمين عام حزب الله الإرهابي، وردوا على محاولات تطاوله على المملكة، وأوسعوه منطقًا وألقموه حجرًا ليقطعوا لسانه الذي لا ينطق إلا بالباطل، ويغلقوا فمه الذي لا يخرج منه إلا فاحش القول وبذيء الكلام، فهو لا يستحق هذا العناء.

فأنا لا أعتقد أن نصر الله - بكلامه الفج المرفوض - يستحق هذه الردود التي انهالت عليه ، فقد كان يمارس ويؤدي وظيفته التي ارتضاها لنفسه، بوقا صدئا مأجورا تستخدمه إيران لإرسال رسائل محددة لتحقيق غايات بعينها.

فهو ليس أكثر من ذلك ولا أقل ولا يتجاوز دوره المرسوم هذا الحد، وأتصور بما يقارب اليقين أن الكلمات في خطاباته التي هي عبارة عن عويل وندب وصياح تكتب في طهران، بحيث لا تتاح له حتى فرصة اختيارها.


هذا الشخص هو أصل الداء الذي ابتليت به الأمة العربية والإسلامية، ولا تكاد توجد مذمة ولا منغصة ولا مصيبة أو كارثة في أي دولة عربية، إلا ويقف وراءها، بدءًا من اتجاره بالمخدرات وإرسال السموم إلى جميع دول العالم لتمويل عملياته الإرهابية، واكتناز السلاح الذي يهدد به الحكومات الشرعية المتعاقبة في لبنان ويملي عليها توجهاته وآرائه. نصر الله هو المسؤول عن مئات الآلاف من أيتام سورية التي تدخّل في شؤونها الخاصة وأرسل مرتزقته للقتال إلى جانب بشار الذي فقد شرعيته ورفضه شعبه، ولولا ميليشيات الحزب الإرهابي لما استطاع الصمود والبقاء.

لم يكتف مرتزقة نصر الله بمجرد دعم الديكتاتور، بل أثخنوا الشعب العربي المسكين قتلا، وارتكبوا من الموبقات وجرائم الحرب ما لا يكفي المجال لذكره وحصره.

هذا الشخص هو الذي أشرف - بإيعاز من سادته في قم وطهران - على ميليشيات «الحقد» الشعبي الطائفية في العراق، مستفيدا من تجربته الواسعة في عالم الإرهاب ، لذلك فهو السبب الرئيس في حالة الفوضى وعدم الاستقرار الأمني الواسعة التي تعيشها بلاد الرافدين.

لم يكتف بكل ما ذلك، وأبى إلا أن يكون له سهم في تدمير اليمن، فبعث عناصره لمساندة الميليشيات الحوثية الإرهابية، ولم يكن يدرك أنه يبعثهم إلى هلاكهم ونهايتهم، حيث تصدت لهم القوات المساندة للشرعية وتربصت بهم طائرات التحالف العربي في عمليات نوعية فقتلت معظمهم.

الملاحظ أن الرجل الذي كان في السابق يتظاهر في خطاباته بالبرود، ويميل إلى نهج السخرية الممجوجة الكريهة كان في خطابه الأخير منفعلا وبادي الغضب، لماذا؟ هنا مربط الفرس وهو ما سأحاول الإجابة عليه، لأن فيه شفاء لصدور المؤمنين النبلاء الذين شعروا بالغضب وهم يشاهدون هذا القزم يتطاول على قيادة هذه البلاد التي ما عرفت إلا بكريم الصفات، ولا تجد في محيطها الإقليمي والدولي غير الاحترام والتقدير والتبجيل.

سبب الغضب الذي اعترى نصر الله يعود في الأساس إلى الهزائم المتتالية التي يمنى بها سادته في طهران، ففي الداخل الإيراني تتزايد مؤشرات الرفض والتململ لسياسات النظام الذي أفقر شعبه وحوله إلى أحد أكثر شعوب العالم فقرا بعد أن كان على العكس من ذلك، كريما وعزيزا ويحظى بالرخاء قبل أن يبتليه الله بحكومة الملالي التي بددت ثرواته في نزواتها السياسية ووجهتها لإثارة القلاقل في دول الجوار وتركته يعاني الحاجة ويكابد الفقر، حتى اضطر مئات الآلاف من الإيرانيين إلى العيش في المقابر والطرقات.

على الصعيد الخارجي تضاعفت العزلة التي تعيشها طهران، وضاق الخناق عليها بسبب الرفض العالمي لبرنامجها النووي المثير للجدل، وتمسك المجتمع الدولي بتفكيكه قبل رفع العقوبات، وإلزامها بوقف برنامج تطوير الصواريخ الباليستية، وهو ما تشدد عليه الدبلوماسية السعودية والخليجية قبل توقيع أي اتفاق.

وفي العراق الذي يضع النظام الإيراني على رأس أجندته السيطرة على مفاصل القرار فيه، استطاعت المملكة إيجاد تكتل يضم جميع أنواع الطيف السياسي الوطني الرافض لسلخ بلاد الرافدين عن محيطها العربي وإدراجها في فلك محور الشر.

أما في اليمن فإن ميليشيات طهران تواجه مأزقا بعد الانتصارات الأخيرة للقوات المساندة للشرعية، بدعم وإسناد من طائرات التحالف العربي، وتساقط آلاف القتلى من المرتزقة، وإحباط محاولات تهريب الأسلحة.

باختصار شديد، لا توجد ساحة مواجهة، سياسية أو عسكرية إلا وتمنى فيها طهران وميليشياتها بالهزيمة، والسبب، يعود إلى الدبلوماسية السعودية الناجحة التي تمكنت من فضح مخططات التآمر الإيراني، وحشدت العالم لمواجهتها، واستقطبت معظم دول العالم التي آمنت بعدالة موقفها وصدق توجهاتها.

هل بعد كل هذا لا تريدون منه أن يغضب؟ فهو مجرد موظف بدرجة عميل، يدين بالولاء لسادته الذين يدفعون ثمن الهراء الذي يبثه من مخبئه دون أن يملك الجرأة والشجاعة للخروج ومواجهة العالم، بعد أن أدمن دور الخيانة، وصار ينافس سلفه سيء الذكر أبي رغال الذي ارتضى القيام بأقذر أدوار العمالة في التاريخ، ودلّ أبرهة الحبشي على المسجد الحرام ليهدمه، قبل أن يشتت الله شمله ويهلكه وأفياله بحجارة من سجيل.

فلا تغضبوا منه، ولا تحمّلوه فوق طاقته، ولا تلتفتوا لأمره، فلدينا من الطموح ما يشغلنا، وأمامنا العديد من الأهداف لننجزها، خدمة لشعبنا وتنفيذا لأهدافنا، وولاء لقيادتنا التي لا تكترث لأمثاله.