وهنا يمكن أن نستشهد بنموذج رائع في خدمات الموتى بالمملكة وهم القائمون على مقبرة مدينة سيهات بالمنطقة الشرقية فهم يعتبرون مثالا يحتذى به في تنظيم أماكن ومعلومات الأحبة الذين تحتضن أجسادهم، ففي الوقت الذي تعاني فيه كثير من المقابر من الدفن العشوائي، استطاعت مقبرة سيهات أن تضع لنفسها موقعًا مميزًا في خدمات الموتى إذ تتسع لأربعة آلاف قبر تقريبًا، وتعدّ الأولى في المملكة التي تضع تنظيمًا واضحًا يشتمل على مربعات ومسارات معينة وترقيمًا يُسهّل الوصول للقبور باستخدام تطبيق إلكتروني، هذه الخدمة قدمت خدمات سريعة لكافة زوار المقبرة، والزائر لم يعد بحاجة للبحث بين القبور لمعرفة مكان القريب والصديق، فالعملية لا تتطلب سوى الذهاب إلى المسؤول على الخدمة الإلكترونية للوصول إلى الموقع الدقيق والوصول إليه دون عناء.
التطبيق ساعد بشكل كبير في سهولة إصدار التقارير المتعلقة بالموتى للجهات الرسمية مثل بلدية سيهات وخلال مدة لا تتجاوز بضع دقائق وما تتميز به المقبرة امتلاكها لأرشيف يضم كافة البيانات المتعلقة بأسماء الموتى لنحو 42 عامًا تقريبًا، أي يمتد منذ عام 1400 وحتى 1442.
المقبرة تركت الحفر اليدوي واستبدلته بحفار «باك هول» وقد ساعدت كثيرًا في سرعة إنجاز حفر القبور وقد شرعت كذلك في إطلاق مشروع تشجير الممرات وتغطيتها بمظلة كبيرة. علمًا بأن إجمالي العاملين في مقبرة سيهات يبلغ تقريبًا 25 شخصًا بعضهم يعمل بشكل رسمي في بلدية سيهات وجمعية سيهات والبعض الآخر متطوع.
لماذا نجحت مقبرة سيهات؟ سؤال بحاجة إلى دراسة وبحث للإجابة عنه، ولكني أظن -وبعض الظن إثم- أن التحدي والتطوير والانضباط والكفاءة هي أحد أهم مفاتيح النجاح التي يمتلكها القائمون على المقبرة. أخيرًا أقول كل الشكر والتقدير لكل العاملين في المقبرة فعلا عمل يستحق أن يكون أنموذجًا للمقابر الأخرى في المملكة.