في الوقت الذي أطلقت فيه وزارة التعليم قرارها بالسماح لطلاب وطالبات المرحلة المتوسطة والثانوية بإحضار هواتفهم إلى المدارس، في محاولة من الوزارة للتأكد من حالة الوضع الصحي للطلاب والطالبات عبر تطبيق «توكلنا» المعمول به في جميع المدارس والمؤسسات داخل أرجاء المملكة، وعلى الرغم من مطالبات «التعليم» السعودية الطلاب والطالبات بعدم استخدام هواتفهم الذكية داخل الفصول الدراسية، حتى لا يتعرضوا لأي عقوبات، وذلك بحسب التعليمات المنظمة للتعليم في السعودية، فإن الأوساط هاجت وماجت تباعا لهذا القرار المفاجئ بين مؤيد ومعارض!.

برر المؤيدون تأييدهم بضرورة إلزام الطلبة بتحمل مسؤوليات مثل هذه، حتى تصبح المسألة مقبولة ومعتادة مثلنا مثل بقية دول العالم المتقدم، بالإضافة إلى ضرورة مواكبة العصر، وعدم النظر في الأمور المستصغرة أو المحتمل حصولها في مقابل إيجابيات هذا القرار.

ولكن السواد الأعظم كان له رأي آخر مخالف ومختلف، إذ ينظر إلى ضرورة وضع لوائح بعقوبات صارمة ونافذة في حق أي مخالف من الطلبة بخصوص محاور مهمة مثل اختراق خصوصية الآخرين أيا كان المسوغ، أو الابتزاز أو حتى استخدام الهواتف في التنمر، سواء بقصد السخرية أو التندر، ولا بد من تعريض صاحبها للمحاسبة العسيرة التي لا تساهل فيها، لجعل التعليم بيئة صحية وآمنة، سواء لكادر التعليم أو للطلبة.

ويظن أصحاب هذا الرأي أنه لو منعت الهواتف تماما، فإنه خيار أفضل لاعتبارات كثيرة، أولها إبعاد الطلاب عن الملهيات، والمساعدة في بناء تركيزهم كما يجب. كما أنه أحفظ لأعراض الناس، خصوصا في مدارس البنات، إذ ليست هناك ضمانات بالتزام الجميع بالقواعد العامة أو الخاصة، أو قد يحدث اختراق لها لأسباب مثل النزاعات، ومن ثم تتحول إلى مجال جديد وشائك جدا لتصفية الحسابات!.

ولنا أن نتخيل حجم الكارثة لو أننا سلمنا زمرة من الأطفال بعمر الخامسة عشرة أسلحة فتاكة، فما الذي يمكن أن يحدث؟، وهل ستتحول ساحات اللعب إلى ساحات حرب؟، ولا ننسى في خضم هذا منصات السوشيال ميديا، ودعمها أي جديد وخارج عن المألوف مثل الـ«تيك توك» التي تفتح ذراعيها لكل عجيب وغريب، وقد يكون مخيفا أحيانا، ولكل عمر!.

ونقول، في النهاية، إن مثل هذا القرار لا بد أن تُعنى به وزارة التعليم خير عناية من نواحٍ عدة، وتعيد النظر فيه، ولو استحدثت برامج جديدة تنوب عن فكرة حمل الهاتف، للتأكد من الحالة الصحية للطالب، فإنه أجدى من تمرير ما يمكن أن يكون قنبلة موقوتة في مدرسة.