قبل أسابيع صدر التقرير السنوي الأمريكي للاتجار في البشر، وهو ضمن خمسة تقارير تصدر تنفيذا لطلب «الكونجرس» حول موضوعات الإرهاب، والمخدرات، والحريات الدينية، وحقوق الإنسان. ويعد هذا التقرير من أكثرها حرفية، ووضوحا في المنهجية، وتوظيفا للمعايير الدولية، ومع ذلك لم يحظ بالدرجة نفسها من التغطية الإعلامية التي حظي بها تقرير حقوق الإنسان الأمريكي الذي صدر قبل فترة قصيرة. يصنف التقرير الدول في مدى التزامها إلى أربعة مستويات، حيث يمثل المستوى الأول الدول الملتزمة بمكافحة الاتجار في البشر، والرابع هو عدم الالتزام.
المملكة حازت، للعام الثاني على التوالي، المستوى الثاني في تصنيف مؤشر مكافحة الاتجار في الأشخاص، وفقا للتقرير الصادر من وزارة الخارجية الأمريكية المتعلق بتصنيف الدول في مجال مكافحة الاتجار في الأشخاص، وهو مركز يعد إيجابيا في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان.
وتزامنا مع هذه المناسبة، أجد أن موضوع استغلال الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي يعد انتهاكًا صارخًا لنظام مكافحة جرائم الاتجار في الأشخاص، إذ دائمًا ما نشاهد، ما بين فترة وأخرى، أطفالا أبرياء يستغلون في المشاركة في إثارة بعض القضايا الاجتماعية، والتسويق الدعائي لبعض المنتجات كعارضات أزياء مثلا، خاصة في تطبيق «سناب شات». كل ذلك من شأنه أن يترك أثرا سلبيا في نفسية الطفل، كونه يظهر بشكل مستمر ومتكرر في مواقع التواصل الاجتماعي.
الإجراءات الجزائية في المملكة تؤكد عدم استغلال الأطفال كسلعة لكسب الأموال في شبكات التواصل الاجتماعي، أو الإساءة إليهم في مقاطع مصورة، لجذب مزيد من المتابعين، حيث يعاقب النظام بالسجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلا شكّل جريمة من أفعال الإيذاء المنصوص عليها في النظام. وعليه، يجب أن تتخذ كل التدابير القانونية على أرض الواقع، فلا تكون مجرد نصوص شكلية، ولا يتم تعطيلها، أو عدم تطبيقها، وإنما ينبغي أن تسري على جميع الحالات المشابهة باللجوء إلى القضاء، بحيث تكون قراراتها وأحكامها ملزمة، لا تقبل التعطيل أو التماطل.