أنا لستُ بنبي! هذا ما يُقال عندما يحاولون التذكير بالتحلي بالخلق الحسن، أو بطاعة تطهر النفوس.. ولكن ماذا عن أدبك في الاستماع أيها الإنسان العادي؟ وأنت عندما تزل في الحديث فتفضح سرائر قلبك دون أن تمسك لسانك، فتنطلق متحدثا عن كل ما يؤلمك، فتظن أن المستمع جدير بهذه الثقة التي لا تحمل نفس المفهوم الذي تحتاجه من معنى الثقة، وإنما تريده أن ينسى! ولا يذكرك!.
تخاف من الذكرى أكثر من الفضيحة! وما هي إلا أيام فيأتي ليسألك عن حال من فقدتهم دون أن يراعي أي شعور، ولا يوجد أي حجة هنا، ولا مبرر لهذا الفعل المؤذي.
نحن لسنا بأنبياء ولم نُصطفى لكي نكون من الصحابة، رضي الله عنهم، ولكن القلوب والمشاعر لم تتغير، لم يكن أمرا مستهجنا جديدا علينا، بأن نسكت عن سؤالهم فيما يؤلمهم. هو خلق قديم، لم يكن معجزة تخص النبي، فما عذرك أيها السائل؟ أتنبش في خبايا غيرك؟ أم تستلذ في معاناتهم؟.
نحن لا ننسى، تتراكم الذكريات، بحسب أهميتها يكون ترتيبها في عقلك، واللسان لا يؤمّن بأن يصمت عن ألمك دائما، والمستمع لا يعد أصم، فكن يا سيدي المستمع نسّايا لِما قيل لك.
فمن يقول لك بأنك لا تستطيع مواجهة ذكرياتك، حاججه بهذه القصة، ولا تبرر فعل قلبك، ولا تأذن لنفسك بأن تصدق أنك لا تسطيع مواجهة «أن تتذكر»، فهذا فعل مؤلم لقلبك وعقلك وترتيب ذكرياتك.. لا تُنبش القبور، أهذا خوفا من المواجهة أيضا؟.
دع عنك أذاهم، أنت تسأل سلامة النسيان ليس إلا، وإن أردت أن تأخذ دور بطولة في فن الاِستماع فتذكر طريقة مواساته (ﷺ) باِختياره لكلمات تجبر القلب، وتتعلم منها أسرار أدب المواساة، حتى لو لم تكن نبياً.