ويقف عدد من تلك المستوصفات والمستشفيات حجر عثرة في وجه الخريجين الذين توظف بعضهم برواتب متدنية لتحقيق «السعودة»، حيث يحصلون على فتات الرواتب مقارنة بالأجانب الذين يحصلون على رواتب أضعاف الخريجين والخريجات السعوديين.
وعلى الرغم من أن الوزارة أعلنت في سبتمبر الماضي عن توفر 1066 وظيفة طبيب مقيم للأطباء السعوديين فقط، إلا أن مشكلة نقص الأطباء السعوديين ما تزال جلية في ظل نمو عددهم بمعدل 28 % بين عامي 2015 و2019 حسب الإحصائيات الرسمية.
عيادات إضافية
«الوطن» التقت خريجين وخريجات طالبوا بتوظيفهم وفتح عيادات إضافية لاستيعاب المراجعين والقضاء على طول المواعيد، وسعودة القطاع الخاص، ورفع الرواتب المتدنية التي يتقاضاها بعضهم وهم مجبرون، وذلك لممارسة تخصصهم، والحصول على الرخصة الطبية حتى تسمح لهم بالتوظيف المنتظر.
بعض من التقتهم «الوطن» فضلوا عدم ذكر أسمائهم كي لا تتم محاسبتهم على شكواهم، وكذلك حتى لا يتسبب لهم ضرراً في وظائفهم الحالية بالقطاع الخاص، وذكر أحد الأطباء أنه وزملاءه تخرجوا في فترة كان التوظيف فيها لأطباء الأسنان محدودا جدا، وتم حينها استحداث حوالي 2500 رقم وظيفي مما أسعدهم كثيراً وكانت كافية لتوظيف جميع الخريجين حينها، إلا أن ميزانية الأرقام تحولت إلى وزارة الصحة التي أخرت توظيفهم حتى تخرجت دفعات جديدة، وبعدها أعلنت «الصحة» عن جزء يسير من الأرقام وارتكبت أخطاء في حساب المعدلات، حيث إن من تخرج بتقدير مقبول من خارج المملكة «مصر والأردن» على سبيل المثال تصبح نقاطهم أعلى من خريجي السعودية بتقدير جيد، فيما لا زال جزء من الأرقام المستحدثة مجمدة لدى الوزارة منذ 3 سنوات ويتم الإعلان عنها بـ«القطارة» ويتم تقسيمها على كل من تخرج حديثاً، فيما الخريجون القدامى ضائعون ومضطرون للعمل في المراكز الخاصة برواتب لا تتجاوز 5000 ريال كي يتم تجديد التصنيف الطبي لهم.
تضييق التخصص
ذكر خريج آخر أن حل المشكلة الرئيسة في توظيف أطباء الأسنان يبدأ من خلال سد العجز في عدد عيادات الأسنان في المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية، مما ينهي معاناة الخريجين وكذلك المرضى الذي يحصلون على مواعيد بالأشهر في عيادات الأسنان.
ولفت إلى أن الأطباء العاطلين دورهم حالياً «سعودة» القطاع الخاص ولكنهم يتقاضون رواتب لا تغطي تكاليفهم المعيشية، فضلا عن منعهم من ممارسة ما تعلموه في دراستهم وتضييق حدود تخصصهم، فيما الأجانب يسمح لهم بممارسة كل الأعمال المتعلقة بطب الأسنان، مشيرا إلى أن طبيب الأسنان السعودي يعمل في القطاع الخاص وراتبه أقل ممن يتوظف بشهادة الثانوي، مؤكداً أن الحلول لتوطين الأطباء التي أقرتها الموارد البشرية وذكرت أن راتب الطبيب في القطاع الخاص 7600 ريال غير مطبقة في كثير من المراكز.
خطأ حسابي
وقالت طبيبة أسنان «تحمل خبرة 8 سنوات من الخارج وخريجة ابتعاث وحالياً عاطلة» إن توظيف طب الأسنان يعتمد على معادلة مفاضلة خاطئة، ومن ذلك تحديد 20 % للخبرة، أي نقطتين لكل سنة، لكن ما كان يحتسب هو نقطة واحدة، وعند مواجهة الموارد كان ردهم أن السبب هو تقسيمها على 10 سنوات وهذا خطأ حسابي غير مبرر، كما أن المفاضلة تحتسب أكبر نسبة للمعدل وهذا المعيار مجحف جدا، فالخريجون من جامعات محلية وعالمية يختلفون في مستويات التقييم، وحتى عام 2016 كان أغلب الخريجين في الطب وطب الأسنان يتخرجون بمعدلات منخفضة نسبياً إلا الأقلية من النخبة المتفوقة، وبعد اعتماد المعدل كمعيار قامت الكليات الخاصة برفع المعدلات لخريجيها ليتمكنوا من المنافسة، ومؤخرا حذت الجامعات الأخرى حذو الكليات الخاصة حتى يلحق خريجوها بالسباق، وبذلك وقع الضرر الأكبر على الخريجين القدامى، وخريجي الابتعاث الذين لا حول لهم في سياسات المعدلات.
معاملة سيئة
شاب آخر قال إنه يعمل في وظيفة بمستوصف خاص براتب 4 آلاف ريال، ومع أنه استطاع تحقيق أكثر من 40 ألف ريال للمركز في أول شهر من عمله إلا أنه تم رفض طلبه بزيادة راتبه، فيما ذكرت طبيبة أخرى أنه تتم معاملة الخريجين السعوديين في القطاع الخاص بشكل استفزازي ومعاملة سيئة من بعض الأجانب هدفها التطفيش وطرد السعوديين من العيادات التي يسيطر عليها هؤلاء، مؤكدة أنها تعمل مع طبيبة من جنسية عربية تتقاضى راتباً يبلغ 5 أضعاف راتبها مع أن ساعات دوامهن واحدة والدخل المطالبات به واحد.
ردود أفعال
قال الخريج علي دربان في حسابه على تويتر إن سبب بطالة أطباء الأسنان تتحمله وزارتا الصحة والعمل، فوزارة الصحة لم تغط النقص الشديد لمراجعي مرضى الفم والأسنان في مراكزها ومستشفياتها، ووزارة العمل لم ترفع حد الأجور في القطاع الخاص ليصل للحد المناسب، حيث لا يعقل أن يكون هناك أطباء يحملون شهادات الدكتوراه رواتبهم في القطاع الخاص 4000 ريال فقط.
وأضاف الخريج «أحمد» «لا وظائف ولا فرص للدراسات العليا، وأطباء الأسنان دخلوا كهفا مظلما، وتحتاج قضيتهم إلى حل جذري، لا بد من توفير وظائف حكومية كافية وفتح مقاعد وفرص عدة للدراسات العليا والابتعاث ووضع حد أدنى مجز لرواتب الأطباء في القطاع الخاص وزيادة نسبة السعودة».
أسئلة دون أجوبة
«الوطن» توجهت بأسئلتها إلى وزارة الصحة عن أسباب عدم تعيين أطباء الأسنان العاطلين؟، ولماذا تكون مواعيد علاج الأسنان في المستشفيات والمراكز الصحية بالأشهر فيما الخريجون عاطلون، ولماذا لا تتوسع الوزارة في فتح عيادات طب الأسنان لتوظيف العاطلين وتقضي على أزمة طول المواعيد؟ ولماذا لا تتم سعودة المستشفيات الخاصة في طب الأسنان وإعطاء الخريجين السعوديين رواتب مجزية بدلاً من وضعهم الحالي برواتب متدنية فيما الأجانب يتقاضون رواتب أضعاف السعوديين؟.
ووعد موظف «العلاقات العامة في الوزارة» بالرد إلا أنها لم تستجب ولم يتم الرد على الرسائل المتكررة بطلب التعليق رغم مرور أكثر من 20 يوما على إرسال الأسئلة.
وعود
في مايو 2017 وعدت وزارة الصحة أن جميع خريجي طب الأسنان سيجدون خلال الفترة القادمة فرص عمل جيدة، متوقعة انتفاء الحاجة لاستقطاب أطباء أسنان خلال سنوات قليلة قادمة بعد منع الاستقدام من الخارج.
كما أعلنت وزارة العمل بالتنسيق مع وزارة الصحة، عن إيقاف الاستقدام لوظائف أطباء الأسنان، لإتاحة فرص العمل لأطباء الأسنان السعوديين والسعوديات في القطاع الصحي، لكن منذ ذلك التاريخ لم يتم استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين، أو حتى امتصاص كتلة الخريجين الباحثين عن عمل بشكل ملحوظ.
26
كلية طب أسنان في المملكة
18
منها حكومية
8
خاصة
2000 إلى 3000
خريج من هذه الكليات سنوياً
10
آلاف طبيب أسنان ممارس في المملكة
25 %
منهم سعوديون