على مساحة تزيد عن 600 كيلومتر مربع، وتضم أكثر من 84 جزيرة، تحيط بها مياه صافية، تحتضن ما يزيد عن 200 نوعٍ من الشعاب المرجانية، و300 نوعٍ من الأسماك، من بينها أنواع نادرة لا توجد في أي مكان آخر، تخفي جزر فرسان كنوزا تشبه السحر غارقة في أعماق البحر الأحمر، حيث تلتقي أسرار الأزرق اللامحدود بجلال الطبيعة البكر، وتتوارى فرسان تحت الماء مثل سر لم يُكتشف بعد بكامل مجده.

وتوفر فرسان فرصة نادرة لهواة الغطس، الذين لن تقتصر مغامرتهم على مجرد غطسة في المياه، بل ستمثل بالنسبة إليهم رحلة عبور نحو اكتشاف، كيف يتراقص الضوء مخترقا زرقة الماء ليلهو على حدائق مرجانية لم تعبث بها الأيدي، وتتكشف بين ظلاله كهوفٌ غامضة وحطام سفن تروي بصمتٍ أساطير الماضي.

وتحتوي جزر فرسان على مواقع غوص استثنائية مثل شعاب "عين الغزال" و"الفوايدة"، التي تمكّن الغواصين من استكشاف بيئات بحرية بكر، تصل الرؤية فيها إلى 30 مترًا تحت الماء، ما يؤهل فرسان لأن تكون عاصمة الغوص القادمة.


تنوع بيولوجي

تتميز مياه جزر فرسان بتنوع بيولوجي استثنائي يجعلها وجهة مثالية لمحبي الغوص. ففي أعماقها تتلألأ ألوان الشعاب المرجانية النادرة، وهي تحتضن أنواعاً فريدة من الأسماك مثل القرش الحوتي، والمانتا راي، وأسماك نابليون.

كما تسبح في أعماقها وعلى سطحها السلاحف البحرية، والدلافين التي تقترب من الغواصين، ما يضفي على تجربة الغوص بُعداً من السحر والإثارة.

ولا يخفى أيضاً أن نقاء المياه ووضوح الرؤية التي تصل إلى عمق من 30 إلى 40 مترًا يمنحان الغواصين مشاهد تحت مائية تخطف الأنفاس.

كهف فرسان الأزرق

تضم جزر فرسان عددًا من المواقع المميزة التي تجذب محبي الاستكشاف البحري، ومن بينها:

ـ موقع القواقع العملاقة: يُعد هذا الموقع موطناً لأنواع بحرية نادرة من المحار والقواقع، مما يوفر تجربة استكشافية فريدة.

ـ كهف فرسان الأزرق: يشتهر هذا الكهف الطبيعي بإضاءة شمسية ساحرة تنعكس على جدرانه المائية، فتخلق أجواءً مدهشة تشبه اللوحات الفنية.

ـ جبل الشعاب المرجانية: منطقة غنية بالشعاب الضخمة التي تجمع بين جمال الطبيعة وتنوع الحياة البحرية، مما يجعلها ملاذاً للغواصين.

ـ حطام السفينة الغارقة: تحكي هذه البقعة قصة تاريخية تعود إلى حقب الحرب العالمية الثانية، وقد تحولت إلى نقطة جذب لعشاق استكشاف حطام السفن.

موقع إستراتيجي

عن جمالية ورحلة الغوص في جازان، يوضح الكابتن فؤاد الحكمي، وهو مدرب غوص معتمد، وأحد المهتمين بتنمية سياحية الغوص في فرسان، لـ"الوطن" عن هذه التجرية، ويقول "الغوص في جزر فرسان يشبه دخول عالم آخر؛ حيث تتجلى الطبيعة البحرية النادرة في كل زاوية. أكثر ما أدهشني هو رؤية أسماك المانتا راي العملاقة تسبح بجوارنا وكأنها ترحب بنا في هذا العالم السحري، وذلك بسبب موقع جزر فرسان الواقع بالقرب من مدخل مضيق باب المندب، والمحيط الهندي".

سياحية على مدار العام

يؤكد الكابتن الحكمي أن "من أهم ما يميز رياضة وسياحة الغوص في جزر فرسان أنها صالحة للغوص في جميع فصول السنة وعلي مدار العام، وهذا بخلاف مواقع الغوص الأخرى التي تقتصر على فصل محدد من العام".

وأضاف "في جازان هناك أكثر من 3 آلاف غواص، من بينهم 250 غواصا محترفا ومدرب غوص.

غواصون دوليون

تشير الإحصاءات الحديثة إلى نمو ملحوظ في شعبية الغوص في جزر فرسان، فقد ارتفع عدد رحلات الغوص السنوية إلى حوالي 12 ألف رحلة في العام الماضي، مقارنة بـ8 آلاف رحلة في العام الذي سبقه، ما يمثل زيادة بنحو 50 %.

وتُظهر البيانات أن نحو 35 % من هذه الرحلات يُنظمها غواصون دوليون، بينما يشكل الغواصون المحليون النسبة المتبقية، مما يعكس الاهتمام العالمي بهذه الوجهة الفريدة.

ويُعد متوسط عمق الغوص في المواقع الرئيسة حوالي 20 مترًا، مع إمكانية الوصول إلى أعماق تصل إلى 30 مترًا في بعض النقاط، مما يُتيح تجارب متنوعة تناسب المحترفين والمبتدئين على حد سواء.

7 مدارس غوص

تضم جزر فرسان العشرات من مواقع الغوص المعتمدة، بالإضافة إلى 7 مدارس غوص مرخصة من قبل الهيئة السعودية للغوص.

كما شهدت الاستثمارات في هذا القطاع نموًا بنسبة 40 % خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يعكس الجهود المبذولة لتطوير البنية التحتية وجذب مزيد من السياح والمهتمين بالرياضات البحرية.

وجهة غوص عالمية

مع تزايد الاستثمارات وتطوير المرافق السياحية والبحرية، من المتوقع أن تتضاعف أعداد الغواصين في المستقبل القريب، لتضع جزر فرسان نفسها ضمن قائمة أفضل الوجهات العالمية للغوص.

ويسهم إنشاء منتجعات بيئية متطورة ومراكز تدريب معتمدة في تعزيز تجربة الغوص، ويجعل من الفرصة متاحة لجذب مزيد من عشاق المغامرة والرياضات البحرية من مختلف أنحاء العالم.

وتمثل جزر فرسان كنزًا بحريًا يجمع بين جمال الطبيعة وإثارة الاستكشاف، حيث تُقدم تجارب غوص فريدة مدعومة بأرقام إيجابية تُظهر الإمكانيات الهائلة لهذا القطاع.

ومع استمرار تطوير المواقع وتقديم تجارب غوص استثنائية، يبدو أن جزر فرسان تقترب من تحقيق حلمها بأن تصبح عاصمة الغوص في البحر الأحمر، داعيةً الغواصين من كل حدب وصوب لاكتشاف أسرارها البحرية.

وجهة سياحية عالمية

تصدر السياح الأوروبيون قائمة السياح الأجانب الذين يتوافدون إلى جزر فرسان التي باتت قبلة سياحية مهمة لهم، تلاهم السياح القادمون من دول أمريكا اللاتينية، ثم القادمون من إفريقيا وأخيرا من شرق آسيا.

وقدّر عدد السياح الأجانب الذين يفضلون السياحة البحرية ويزورون الجزر ويتمتعون بطبيعتها وينقلون عنها صورا مدهشة بنحو 5 آلاف سائح سنويا، 40 % منهم أوروبيون، مقابل 30 % من أمريكا اللاتينية، و20 % من إفريقيا و10 % من شرق آسيا.