في الوقت الذي يتم فيه التركيز على خلق بيئات معقمة في المستشفيات، كشفت دراسة جديدة من إسبانيا عن تهديد غير متوقع يختبأ في مصارف المياه. وعلى الرغم من أنها تبدو غير ضارة، فإن هذه التركيبات الشائعة تحتوي على مجتمعات معقدة من البكتيريا التي قد تشكل مخاطر جسيمة على صحة المرضى.

الدراسة، التي استمرت عامًا واحدًا بمستشفى جامعي حديث في مايوركا، أظهرت أن هذه المصارف تحتضن بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، وتمثل تحديًا خطيرًا لنظم الرعاية الصحية.

أبحاث في قلب المستشفى


من فبراير 2022 إلى فبراير 2023، جمع الباحثون عينات من مصارف أحواض 5 أقسام مختلفة بالمستشفى، بما فيها وحدتان للعناية المركزة. وعلى الرغم من تطبيق بروتوكولات تنظيف صارمة، مثل استخدام المبيضات والتطهير الكيميائي، فإن النتائج كانت مقلقة. وكما تقول مارجريتا جوميلا، المؤلفة الرئيسة للدراسة: «ظهر أن مصارف المستشفيات تستضيف مجموعات بكتيرية تتغير بمرور الوقت على الرغم من بروتوكولات التنظيف المثالية». هذه النتائج تعكس واقعًا مقلقًا يدعو إلى إعادة التفكير في إستراتيجيات النظافة الحالية.

عدوى مكتسبة من المستشفيات

تعد العدوى المكتسبة من المستشفيات واحدة من أبرز التحديات في مجال الرعاية الصحية. وتؤثر هذه العدوى على ملايين المرضى سنويًا، مما يؤدي إلى وفاة أكثر من 90 ألف شخص في الاتحاد الأوروبي وحده.

بالإضافة إلى ذلك، تستهلك هذه العدوى ما يصل إلى 6% من ميزانيات المستشفيات العامة، مما يضغط على أنظمة الرعاية الصحية.

هذه الأرقام تشير إلى أزمة حقيقية تستدعي الحاجة الملحة لتحسين التدابير الوقائية.

المقاومة للمضادات

تزايد انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية يزيد من تعقيد هذا التحدي، فعندما تُستخدم المضادات الحيوية بشكل مفرط يصبح من الممكن لبكتيريا مقاومة البقاء والتكاثر، مما يتيح لها تبادل جينات المقاومة مع أنواع أخرى. هذه العملية تؤدي إلى ظهور سلالات جديدة أكثر خطورة، مما يزيد من صعوبة علاج العدوى. في الوقت نفسه، يؤدي الاستخدام غير الصحيح للمضادات الحيوية إلى تفاقم المشكلة، مما يعكس ضرورة تحسين ممارسات الوصفات الطبية.

نتائج الدراسة

استخدم الباحثون مسحات القطن لجمع عينات من 6 مصارف في 5 أقسام، وجمعوا خلال عام 1058 عينة بكتيرية، تضم 67 نوعًا مختلفًا منها. ووجدت الدراسة أن جميع البكتيريا المختبرة تقريبًا كانت مقاومة لأنواع متعددة من المضادات الحيوية، بما فيها الأدوية الشائعة. ومن بين هذه البكتيريا كانت Pseudomonas aeruginosa واحدة من أكبر المخاوف، حيث تعتبرها منظمة الصحة العالمية واحدة من أكبر التهديدات للصحة العامة.

تنوع المجتمعات البكتيرية

كشفت النتائج عن وجود تنوع بكتيري كبير في أقسام المستشفى. فبينما كانت بكتيريا كليبسيلا الرئوية تهيمن على قسم الطب العام، أظهر فحص وحدات العناية المركزة وجود بكتيريا Staphylococcus aureus وAcinetobacter johnsonii. هذا التنوع يشير إلى أن مصادر البكتيريا قد تكون متعددة، من المرضى والعاملين في المجال الطبي إلى البيئة المحيطة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تلعب المعدات الطبية والسطوح الملوثة دورًا في نقل هذه البكتيريا.

ديناميات التطور

أظهرت الدراسة أن التنوع البكتيري يتغير بمرور الوقت دون وجود نمط موسمي، فوحدات العناية المركزة والطب العام أظهرت أعلى تنوع، مما يعود إلى تنوع المرضى والإجراءات الطبية. المفاجأة كانت في وحدة العناية المركزة الجديدة، التي طورت تنوعًا بكتيريًا مشابهًا لوحدات العناية القديمة في غضون أشهر، مما يشير إلى أن تدابير الوقاية القياسية قد لا تكون كافية.

مقاومة الكاربابينيم

إحدى النتائج الأكثر إثارة للقلق كانت اكتشاف جين blaVIM في بعض سلالات P. aeruginosa، مما يجعلها مقاومة لمضادات الكاربابينيم التي تُستخدم كملاذ أخير. هذا يبرز أهمية مراقبة البكتيريا في المستشفيات، وتطوير إستراتيجيات جديدة لمكافحة العدوى. ويمثل هذا الاكتشاف ضررًا محتملاً على المرضى، خاصة أولئك الذين يعانون ضعفا في جهاز المناعة.

الدروس المستفادة

تسلط الدراسة الضوء على دور مصارف المستشفيات كخزانات للبكتيريا المقاومة، وأن بروتوكولات التنظيف الحالية قد لا تكون كافية لمواجهة تحديات استعمار البكتيريا، لذا من الضروري تحسين إستراتيجيات مكافحة العدوى في المناطق العالية الخطورة، مثل وحدات العناية المركزة، وينبغي أن تشمل هذه الإستراتيجيات توعية الموظفين بأهمية النظافة والتعقيم المستمر.

الخلاصة

مصارف المستشفيات، التي غالبًا ما يتم تجاهلها، تلعب دورًا حيويًا في نشر البكتيريا الخطيرة، مما يؤكد ضرورة عدم إغفال أي تفاصيل عندما يتعلق الأمر بمكافحة العدوى في المستشفيات، ويجب أن يكون هناك تركيز أكبر على البحث والتطوير في أساليب جديدة لمكافحة العدوى، بما في ذلك ابتكار تقنيات تنظيف أكثر فعالية.

وقد نُشرت الدراسة، تحت عنوان «تحليل لمدة عام للتنوع البكتيري في مصارف المستشفيات: الثقافة ومقاومة المضادات الحيوية والآثار المترتبة على مكافحة العدوى»، بمجلة Frontiers in Microbiology في 14 فبراير 2025. وضم فريق البحث: خوسيه لاكو، وسيرجي مارتوريل، وماريا ديل كارمن جاليجوس، ومارجريتا جوميلا من جامعة جزر البليار ومستشفى سون لياتزر في بالما بإسبانيا.