لا خلاف أن السجن يؤثر في الصحة البدنية والنفسية للسجين، ويجعله في حاجة ماسة للرعاية الطبية، كما يعاني السجناء من المشكلات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية. كما أن السجين قد لا يكون هو المتضرر الوحيد من تلك المشاكل، وإنما قد تكون أسرته ضحية أخرى، فنجد التأخر الدراسي للأولاد والمعاناة الاجتماعية والمالية للأسرة، وربما قد يكون هناك نبذ وعدم قبول لتلك الأسرة من قبل المجتمع. وكلما تأخرت الحلول المساعدة فسيؤدي ذلك إلى ضعف فرص الصمود للسجين وأسرته في مواجهة تلك الإشكاليات.
من أجل ذلك بادرت إدارات السجون باستشعار تلك الأخطار، بمشاريع تأهيل السجناء والتي تهدف إلى الارتقاء بالقيم الأسرية والاجتماعية لنزلاء السجن، وتمكين السجناء من صناعة مستقبل لأسرهم، وتعزيز الإيجابية لدى السجناء في التعامل مع الآخرين، وتمكينهم من الحصول على الوسائل الجيدة لتربية الأبناء وقيادة الأسرة بعد الخروج من السجن. لقد كانت هذه المبادرات بناء على ما تم ملاحظته من زيادة للخلافات الأسرية بعد خروج السجناء، وما يتعرض له الأبناء من انحراف بسبب غياب الأب. وأيضا تعامل السجين مع المجتمع بعنف بعد خروجه، لإحساسه بأنه شخص منبوذ وغير مقبول، وغير قادر على تدبر أمور الأسرة اقتصاديا.
ورغم الدور الكبير الذي تقوم به إدارة السجون في تأهيل السجناء، إلا أن هذا الدور لن يتحقق بالشكل المطلوب إلا من خلال الشراكة والمبادرات المجتمعية، ولعلنا نذكر هنا دور جمعية تراحم التي كان لها أثر فاعل في دعم السجناء وأسرهم صحيا ونفسيا واجتماعيا واقتصاديا. لقد ساهمت لجنة تراحم في إطلاق العديد من السجناء لا سيما تلك المتعلقة بالديون والمطالبات المالية، كما نجحت اللجنة في الوصول إلى أسر أولئك السجناء وإيجاد الحلول للكثير من معاناتهم.
وكان آخر المبادرات الرائعة والجميلة والذي عرضته قناة mbc، عن قيام جامعة القصيم بفتح فصول دراسية منتظمة، ليتمكن نزلاء السجون بالمحافظة من إكمال دراستهم وفق التخصصات التي يرغبون بها. وحيث إن التعليم هو السلاح الأقوى في محاربة جميع المشاكل، فإن ما قامت به جامعة القصيم مبادرة استثنائية تهدف بشكل فاعل ومؤثر إلى إعادة تأهيل النزلاء فكريا ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع، ويتمكنوا من الاندماج بيسر وسهولة بعد قضاء محكومياتهم.