أبها: الوطن

بعد أن تخطت سوريا أصعب التحديات التي واجهتها، تبدأ اليوم مرحلة جديدة من البناء والإصلاح، حيث تتجه الجهود نحو ترسيخ العدالة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة بقيادة الشرع. ومع انطلاق الحوار الوطني، تتبلور ملامح مستقبل سياسي وقانوني يعكس تطلعات الشعب السوري نحو الاستقرار والنهوض مجددًا. الحوار الوطني

وانطلقت فعاليات مؤتمر الحوار الوطني في سوريا، وسط ترقب واسع لمسار العدالة الدستورية في ظل التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد. وتصدّرت الجلسة الرئيسية للمؤتمر مناقشات معمقة حول العدالة الانتقالية، وإعادة بناء المؤسسات الدستورية، وإصلاح النظام القانوني بما يضمن الحريات الشخصية وسيادة القانون.

آليات وإصلاح

وركزت الجلسة على آليات تحقيق العدالة الدستورية، حيث استعرض المشاركون سبل إصلاح القضاء وإعادة هيكلة المنظومة القانونية بما يضمن تحقيق التوازن بين الاستقرار والمحاسبة. كما طُرحت مقترحات لإصدار إعلان دستوري مؤقت يمهّد لوضع دستور جديد يعكس تطلعات مختلف مكونات المجتمع السوري. ومن أبرز القضايا التي نوقشت في الجلسة، مسألة تخفيف العقوبات وإعادة دمج بعض الفئات التي كانت جزءًا من النظام السابق، في إطار العدالة التصالحية، شريطة عدم تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

كما شدد المشاركون على ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية لضمان عدم تكرار ممارسات القمع السابقة.

دور ثابت

ويرى الخبراء أن دور الشرع في الإصلاحات ثابت لا جدال فيه حيث أكدت المناقشات أن مبادئ الشريعة الإسلامية كانت ولا تزال ركيزة أساسية في الإصلاحات القانونية في سوريا، وأنها ليست محل شك أو جدل. وقد شدد عدد من الخبراء القانونيين على أن القوانين والتشريعات الجديدة ستراعي القيم الإسلامية، بما يحقق التوازن بين متطلبات الدولة الحديثة والموروث الثقافي والديني للمجتمع السوري.

تخفيف العقوبات

وبالتوازي مع الجهود السياسية، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، لا سيما في قطاعات الطاقة والنقل والتمويل. ويأتي هذا القرار في إطار دعم المرحلة الانتقالية، وتحفيز الحكومة الجديدة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي. كما أشار بيان الاتحاد إلى إمكانية رفع المزيد من العقوبات مستقبلاً في حال التزام القيادة الجديدة بمسار سياسي شامل وإصلاحات جوهرية.

ضغوط دولية

وفي ظل هذه التطورات، تتصاعد الضغوط الدولية على القيادة السورية الجديدة للإيفاء بوعودها في تحقيق انتقال سياسي شامل. وأكد المبعوث الأممي إلى سوريا، جير بيدرسن، أن المجتمع الدولي يراقب الوضع عن كثب، مشددًا على أن نجاح الحكومة الجديدة في تنفيذ الإصلاحات سيحدد مستقبل العقوبات الغربية على البلاد.

توافق مبدئي

وخرجت الجلسة الرئيسية بتوافق مبدئي على ضرورة تبني إصلاحات دستورية شاملة، مع التأكيد على أهمية التوازن بين تحقيق العدالة وضمان الاستقرار. ومع استمرار المناقشات، يبقى التحدي الأكبر هو تنفيذ هذه الرؤى على أرض الواقع، وسط تطلعات شعبية لإصلاحات حقيقية تنهي سنوات الصراع وتفتح صفحة جديدة لسوريا.



تسعى سوريا إلى تحقيق عدة أهداف تمثل الركائز الأساسية للمرحلة المقبلة:

الإصلاح الدستوري

وضع أسس لدستور جديد يعكس تطلعات الشعب السوري ويضمن العدالة والحقوق لجميع المواطنين.

تحقيق العدالة الانتقالية

معالجة آثار الصراع من خلال المحاسبة العادلة والمصالحة الوطنية لضمان عدم تكرار الأخطاء السابقة.

إعادة بناء مؤسسات الدولةإصلاح الأجهزة الحكومية والأمنية والعسكرية لضمان كفاءتها وشفافيتها.

تعزيز الحريات والحقوقوضع قوانين تكفل حرية التعبير، وحقوق الإنسان، وتفعيل دور المجتمع المدني.

إعادة الاستقرار الاقتصاديتنفيذ سياسات تدعم تعافي الاقتصاد، وجذب الاستثمارات، ورفع مستوى المعيشة للمواطنين.

تحسين الخدمات والبنية التحتيةإعادة إعمار المدن، وتحسين شبكات النقل، والتعليم، والرعاية الصحية.

إعادة دمج المجتمعتعزيز التماسك الاجتماعي من خلال برامج دعم النازحين والمتضررين، ودمج الفئات المختلفة في عملية إعادة البناء.