فايع آل مشيـرة عسيري

تسير المملكة العربية السعودية بخطى سياسية ثابتة وحنّكة قيادية عظيمة، وفق ثوابت وقيم سامية سامقة، لا تحيد عنها مهما كانت التحديات؛ حتى باتت مضربًا للمثل في القيادة السياسية الحكيمة، ومعقلاً للحل والربط في كثير من التحولات السياسية، هذه السيادة السياسية والريادة القيادية قد انسحبت على كافة المجالات الحيَة بما فيها الاقتصادية، واتجهت السعودية لما هو أبعد من تأثيرها في المشهد العالمي؛ وذلك يعود إلى القراءات السياسية العميقة، والبعيدة في ذات الوقت لكل ما يدور في المشهد العالمي والقوى المؤثّرة، إلى جانب المبادئ الراسخة للسياسة الخارجية السعودية.

عملت القيادة السعودية منذ وحد كيانها، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب ثراه، وعبر الحقب التاريخية التي حكم فيها أبناءه -رحمهم الله- حتى عهدنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده، الأمير محمد بن سلمان آل سعود -حفظهما الله- على ترسّيخ مبادئ الثوابت التي تنطلق منها سياستها الحكيمة.

هذه المبادئ العظيمة التي بذلت القيادة لها الغالي والنفيس؛ كي تكون لها القاعدة الصلبة التي تنطلق منها سياساتها، وتسعى جاهدة إلى أن تصل للمكانة العالمية التي تليق بها، هذه المكانة التي جعلت المملكة العربية السعودية في صدارة الدول العظمى، وما دعوة الرياض للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، والرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» إلا دليلًا جوهريًا عميقًا وقاطعًا لمكانة السعودية، ودورها المحوري الهام في قيادة الدفَة العالمية، والمبادرات الكثيرة التي تقودها المملكة لتقريب وجهات النظر بين البلدين، إلى جانب طرح الكثير من الحلول المتعلقة بالقضايا الشائكة بين البلدين، وأولها الحرب القائمة مع أوكرانيا، ووضع حدّ لهذه النازعات التي لا طائل منها، ولا تخدم الصالح السياسي العام إطلاقًا.

لا غرابة أن نشاهد هذه الديناميكية الاحترافية والقدرات الكبيرة للقيادة السعودية الحكيمة، والتي جعلت من عاصمتها الرياض ملتقى عالميًا لحل الكثير من الأزمات الإقليمية والعالمية، بعد أن باتت تشكّل محور الارتكاز الدولي والثقل الإقليمي.

من هذا المنطلق سندرك ويدرك العالم بأسره قيمة الناجحات السياسية السعودية، وحسن الرأي والمشورة والقرار الحكيم، لا سيما وإنها بلد الأمن والسلام والأمان، بلد يدعو للانفتاح على الآخر والحوار والرقي والتعايش الإنساني، وهذا يتطلّب علاقات وطيدة مع كل الدول الفاعلة في العالم؛ لذا نجد القيادة السعودية لم تركن لتلك العلاقات التاريخية القديمة مع الولايات المتحدة فحسب، بل تجاوزت الدبلوماسية السعودية الإطار الأمريكي إلى الإطار الأوروبي، ونجحت الرياض في تأسيس علاقات سياسية اقتصادية متينة مع دول أوروبية عظمى، مثل بريطانيا وفرنسا، وذهبت كي تمدّ جسورًا قوية من الاقتصاد الجديد مع أكبر قوتين اقتصاديتين في الشرق الأوسط الآسيوي «الصين واليابان»، بهذا التنوع الاقتصادي والتعاون المختلف في كافة المجالات مؤشّر بارز لمكانة السعودية ودورها الحيوي في المشهدين السياسي والاقتصادي على مستوى العالم.

ومضة:

ما يميّز الدبلوماسية السعودية اليوم أنها الأكثر تأثيرًا وحضورًا طاغيًا وتجليًا واضحًا من أي وقت مضى؛ إذ باتت تلعب أدوارًا إستراتيجية مع المنظومة الدولية والقوى المؤثرة في العالم؛ لأنها ترسم العلاقات السياسية الدولية على أساس المصالح والدور والأهمية، التي تتمتع بها المملكة وفق حلول مفصلية حاسمة.