الرياض : الوطن

تعكس زيارة رئيس الجمهورية العربية السورية إلى المملكة أحمد الشرع، واختيارها لتكون وجهته الخارجية الأولى بعد توليه قيادة سوريا، تقدير القيادة السورية الجديدة لمكانة المملكة السياسية وثقلها على المستوى الدولي، ودورها المحوري والمؤثر في تعزيز أمن واستقرار المنطقة.

واستقبل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، في الرياض اليوم، الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يزور الرياض في أول زيارة رسمية خارجية له منذ تنصيبه رئيساً للبلاد.

كما تبرز زيارة الشرع مدى تقدير القيادة السورية الجديدة لولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ورؤيته الواعدة 2030، وثقتها في المردود الإيجابي لاستراتيجية المملكة التنموية على سوريا ودول المنطقة وشعوبها من خلال دعم أمن واستقرار هذه الدول وإقامة الشراكات الاقتصادية التي تعود بالنفع والفائدة على جميع الأطراف.

التشاور والتنسيق

وتأتي زيارة الرئيس السوري الجديد إلى المملكة في إطار حرص القيادة السورية على التشاور والتنسيق مع قيادة المملكة في هذه المرحلة الحساسة، وما تتضمنه من تحديات وصعوبات كبيرة والتطلع إلى دعم المملكة لسوريا وشعبها والاستفادة من مكانتها وثقلها الدولي في تجاوز هذه التحديات.

كما تتزامن زيارة الرئيس السوري إلى المملكة، ولقائه بولي العهد مع ما تشهده المنطقة بشكل عام، وسوريا بشكل خاص، من تطورات سياسية وأمنية، تستوجب التشاور وتنسيق الجهود بين البلدين الشقيقين بما يعزز أمن واستقرار سوريا، ويصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، ويحقق آمال وتطلعات شعبها.

دعم العملية السياسية الانتقالية

وحرصت الحكومة السورية المؤقتة على أن تكون وجهة أول زيارة خارجية لوزير خارجيتها هي المملكة حيث التقى برفقة وزير الدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات السوري، بوزيري الدفاع والخارجية السعوديين، وتم بحث مستجدات الأوضاع في سوريا، وسبل دعم العملية السياسية الانتقالية بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق، ويضمن أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها.

يذكر أن للمملكة جهود ومواقف تاريخية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي والتأكيد على وحدة أراضيها واستقلالها ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها.

دعم سعودي للشعب السوري

كما أن للمملكة موقف ثابت حيال دعم الشعب السوري وخياراته، حيث دعت إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سوريا وتلاحم شعبها، بما يحميها من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام، كما دعت المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وأكدت إدانتها لتوغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع المجاورة لها.

فمنذ اليوم الأول للثورة السورية في العام 2011م التزمت المملكة مبادئ ثابتة، تمثلت في دعمها لحق الشعب السوري في تقرير مصيره وضمان أمن سوريا ووحدة أراضيها بعيدًا عن التدخلات الأجنبية والتأثيرات الخارجية.

دعم الحكومة المؤقتة

وحرصت الرياض أيضا على دعم الحكومة المؤقتة في سوريا على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث استضافت اجتماعات الرياض بشأن سوريا، بمشاركة واسعة من الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، والمنظمات الدولية، لبحث خطوات دعم الشعب السوري الشقيق وتقديم العون والمساندة له، ومساعدته في إعادة بناء سوريا، كما زار وزير الخارجية دمشق والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع، وعبر عن دعم المملكة لسوريا وشعبها الشقيق.

وقادت المملكة جهداً دبلوماسياً نشطاً ومستمراً لدعوة الأطراف الدولية لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، وأكدت أن استمرارها في المرحلة المقبلة سيعرقل طموحات الشعب السوري في التنمية وإعادة البناء، وأثمرت هذه الجهود في اتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية قراراً بالإعلان عن عدد من الإعفاءات من العقوبات المفروضة على سوريا ضمن إطار قانون قيصر، وكذلك تعليق الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على سوريا في مجالات الطاقة والطيران والتمويل.

وثمنت المملكة الخطوات الإيجابية التي قامت بها الإدارة السورية الجديدة في اتخاذ نهج الحوار مع الأطراف السورية، والتزامها بمكافحة الإرهاب، وإعلانها البدء بعملية سياسية تضم مختلف مكونات الشعب السوري، بما يكفل ألا تكون سوريا مصدراً لتهديد أمن واستقرار دول المنطقة.

أعمال الإغاثة في سوريا

وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده أسهمت المملكة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تخفيف معاناة الشعب السوري الشقيق جراء الأزمة الراهنة التي تمر بها سوريا، وأكدت أن هذه المساعدات "ليس لها سقف محدد"، وأن جسر المساعدات الجوي والبري سيبقى مفتوحاً حتى تحقيق أهدافه واستقرار الوضع الإنساني.

وتأتي المساعدات الإنسانية والإغاثية امتداداً لما قدمته المملكة للشعب السوري الشقيق، حيث تعد المملكة من أوائل الدول التي وقفت مع الشعب السوري الشقيق في محنته منذ عام 2011م، حيث استضافت ثلاثة ملايين سوري كمقيمين لا لاجئين، ووفرت لهم متطلبات الحياة الأساسية من تعليم وعلاج بالمجان، وأتاحت لهم ممارسة العمل.

كما ولدت أجيال كاملة من السوريين على أرض المملكة في الثلاثة عشر عامًا الماضية، ولم يشعروا يومًا بأنهم غرباء في وطنهم الثاني الذي كان لهم وطنًا أولَ، في ظل ما تشهده بلادهم من حالة فوضى وعدم استقرار.