في ظل أجواء مشحونة بالتوتر السياسي والميداني، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في اجتماع يُنتظر أن يكون نقطة تحول في مستقبل الحرب على غزة، وعلاقات الولايات المتحدة بالمنطقة. وبينما يرفع نتنياهو شعار «الانتصار على حماس»، يجد ترمب نفسه أمام مفترق طرق: هل ينحاز مجددًا إلى الرؤية الإسرائيلية المتشددة أم يفي بتعهده بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط، حتى لو كلفه ذلك خسارة دعم اللوبي المؤيد إسرائيل؟

ضغط إسرائيلي

اللقاء المرتقب بين ترمب ونتنياهو يأتي في وقت يواجه فيه الأخير ضغوطًا متزايدة من حلفائه اليمينيين لاستئناف الحرب على غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في أوائل مارس. ويتطلع نتنياهو إلى الحصول على ضوء أخضر أمريكي لمواصلة العمليات العسكرية، على الرغم من الجهود الإقليمية والدولية للتهدئة.


لكن التحدي الأكبر يكمن في موقف ترمب نفسه. فبينما كان من أبرز داعمي إسرائيل خلال ولايته السابقة، تعهد أيضًا بإنهاء الحروب الطويلة في المنطقة، ونسب إليه الفضل في إبرام اتفاق وقف إطلاق النار الأخير الذي أفضى إلى إطلاق سراح 18 رهينة مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين. فهل يظل متمسكًا برؤيته أم يرضخ لضغوط تل أبيب؟

طاولة المفاوضات

يُنتظر أن تشمل المحادثات ملفات محورية عدة، أبرزها:

مستقبل الحرب في غزة: هل تُستأنف العمليات العسكرية أم يُكرَّس وقف إطلاق النار؟

إطلاق سراح الرهائن والأسرى: كيف سيتم التفاوض على المرحلة الثانية من الاتفاق؟

مواجهة النفوذ الإيراني: هل يُعاد تشكيل تحالف جديد ضد طهران؟

وقف حرب غزة؟

يواجه ترمب معضلة حساسة: إذا دعم استمرار الحرب، فقد يخسر دعم الحلفاء العرب الطامحين لإنهاء الصراع. أما إذا ضغط على نتنياهو لوقف العمليات العسكرية، فقد يواجه غضب التيار المؤيد إسرائيل في الداخل الأمريكي، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة.

مقامرة محفوفة

داخليًا، يخشى نتنياهو أن يؤدي أي تراجع عن الحرب إلى تفكك حكومته اليمينية المتطرفة، خاصة أن حلفاءه، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، هددوا بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا لم يتم استئناف العمليات العسكرية قريبًا. وفي حال تفكك حكومته، قد يجد نتنياهو نفسه أمام انتخابات مبكرة قد تضعف قبضته على السلطة، وربما تؤدي إلى إقصائه من المشهد السياسي، خاصة مع تصاعد الغضب الداخلي ضده بسبب تداعيات الحرب والتحديات الاقتصادية. وبالتالي، فإن موقفه في واشنطن لن يكون مجرد بحث عن دعم عسكري أو سياسي، بل معركة بقاء سياسي قد تحدد مستقبله في الحكم.



المعادلة الدولية

بالتزامن مع هذه التحركات، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، مما يفاقم الوضع الأمني والسياسي، حيث شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا خطيرًا مع اغتيالات واشتباكات متزايدة، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لإقناع الأطراف بالتهدئة.

ترمب أمام اختبار مصيري، وقراره خلال هذا اللقاء قد يرسم ملامح المرحلة القادمة في الشرق الأوسط: هل سينحاز بالكامل لأفكار نتنياهو أم سيتمسك بموقفه السابق لإنهاء الحروب؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد ليس فقط مستقبل الحرب في غزة، ولكن أيضًا شكل العلاقات الأمريكية - العربية.

سياسة الإبادة

في ظل المساعي الدبلوماسية لوقف الحرب، تواصل إسرائيل تنفيذ مخططاتها التوسعية والتدميرية ضد الفلسطينيين، حيث لم تقتصر الاعتداءات على قطاع غزة، بل امتدت لتشمل الضفة الغربية والقدس المحتلة في إطار سياسة ممنهجة تستهدف تفريغ الأرض من سكانها الأصليين، وفرض واقع جديد يخدم الأجندة الاستيطانية.

ومنذ بداية الحرب، قُتل أكثر من 47 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، ودُمرت أحياء بأكملها في غزة، بينما تتصاعد عمليات القتل والاعتقال في الضفة الغربية. والهدف الإسرائيلي يبدو واضحًا: إبادة أي وجود فلسطيني فعلي على الأرض، سواء من خلال القتل الجماعي، أو التهجير القسري.



إلى أي مدى يمكن لترمب المخاطرة بعلاقاته مع الدول العربية لمصلحة أجندة نتنياهو؟

- إذا انحاز ترمب لنتنياهو بشكل كامل، فقد يؤدي ذلك إلى فتور في العلاقات مع الشركاء العرب، خصوصًا المملكة العربية السعودية، التي تربط دعمها أي اتفاق بإنهاء الحرب وضمان حقوق الفلسطينيين.

- إذا مارس ضغوطًا حقيقية لإنهاء الحرب، فقد يجد نفسه في مواجهة مع اللوبيات المؤيدة إسرائيل داخل الولايات المتحدة، مما قد يؤثر على فرصه الانتخابية.

- أما إذا حاول الموازنة بين الطرفين، فقد يواجه صعوبة في إرضاء الجميع، خاصة مع إصرار نتنياهو على تحقيق نصر عسكري قبل أي تسوية سياسية.