محمود أحمد مُنشي

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) إن العين لتدمع والقلب ليحزن، وما نقول غير (إنا لله وإنا إليه راجعون). وإن الإنسانية لتبكي أمير الإنسانية والتنمية. مصابٌ جلل تمثل في وفاة أمير البذل والعطاء الامير محمد بن فهد، وانتقل إلى جوار ربه، فقيد الوطن.

رحلت يا أمير الطيب والوفاء وتركت لنا إرثًا وذكرى من الصعب نسيانها. وتجلت آثاره في كل ثنايا هذا الوطن، بل ووصلت إلى خارج الحدود من خلال بصمات وأثرًا طيبًا لا حدود لها. أدوار كان لها الأثر الحسن والمبارك وأسهمت في إرساء التنمية في المنطقة الشرقية إبان كنت أميرًا للمنطقة الشرقية في تلك الفترة. اللهم اغفر له واغسله بالماء والثلج والبَرد ووسّع مدخله وافسح له في قبره وآنس وحشته واجعل قبره روضة من رياض الجنة واجمعه مع النبيين والصدقيين والشهداء في أعالي الجنان.

لقد فقد الوطن شخصية استثنائية جبلت على فعل الخير، فقضى حياته لخدمة دينه ومليكه ووطنه. صاحب السيرة العطرة والحياة الحافلة بالعطاء والبذل السخي.. قدم الفقيد للإنسانية الكثير.. لم يبخل على وطنه بأي جهد يسهم في التخفيف من المصاعب.

الفقيد كان قمة في الأخلاق مع من تعامل معه من قريب أو من بعيد، لذلك استحق بجدارة كل الألقاب الطيبة والأوسمة التي حازها تكريمًا لجهده وعطائه.

وإذا أردنا الحديث عن مساهماته في وطنه وأبناءه فإننا نقول إن فقيد الأمة أرسى أسس الحياة العصرية الحديثة في المنطقة الشرقية في تلك الفترة. وأسهم في بناء وطنه بكل ما لديه من جهد وحتى من ماله الخاص، فأوصل المنطقة الشرقية إلى أرقى وأعلى المراتب بين مناطق المملكة في تلك الفترة.

مع رحيل أمير الإنسانية والتنمية والبذل والعطاء لن ننسى آخر كلماتك الطيبة، بالحفاظ على وطنا في قلوبنا وما لمسناه من خلال ما ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي من هذا الحب الجارف والدعوات الطيبة له رحمه الله على ما قدمه لكل من عرفه ولم يعرفه وهذا بحد ذاته دخل قلوب الكثير من هذا الوطن الغالي وخارجه. وكن مطمئنًا بأنك تركت أحبة كثر استوعبت دروسك وتعاليمك الإنسانية الراقية.

إننا نقف اليوم بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم في موقع رثاء رجل أحيا إنسانية في حقبة المتغيرات المتسارعة، وعمل ليل نهار لخدمة أبناء وطنه.. فهو رجل ليس ككل الرجال، ورمز ليس ككل الرموز، فما سوف يتركه من إرث فذ بين دفتي كتاب حياته الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة كل صور العطاء والإبداع، يضعه -حتما ودون جدال- في المرتبة الأسمى التي لا يجاوره فيها أحد.

لم تقتصر حياة فقيد الوطن الغالي على المواقف الثابتة ، بل امتلك مرونة مدهشة صقلتها المحن والتجارب والخبرات فقد اكتسب كل ذلك من والده طيب لله ثراه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ليشكل شخصية بديعة ذات ملامح ومكونات متكاملة تُوّجت بكاريزما ذاتية وحضور لافت.

إننا في هذا المقام مهما تحدثنا عن مناقب فقيد الوطن محمد بن فهد. فإننا لن نوفيه حقه، فهذا الرجل أرسى مبادئ وقواعد إنسانية تجاوزت الحدود لتصل كافة ارجاء وطننا المعطاء.

رحلتَ يا أمير الخير والأخلاق.. بردًا وسلامًا.. تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنكَ فسيح جنانه.. ونقدم تعازينا الحارة لأسرة آل سعود الكرام وإلى إخوانك، سعود، سلطان، خالد، وإلى أبنائك ، تركي، خالد، عبدالعزيز وأفراد أسرتك الكريمة وإلى كل محبيك، بهذا المصاب الجلل. والحمدلله على قضائه وقدره.