غزة.. تهنئة ونصيحة
محمد السعيدي
نهنئ إخواننا في غزة على ما حصل من إعلان التوقف عن إطلاق النار من الجانب الصهيوني، أمر أسعدنا كثيرًا كما أسعد أهل غزة سعادة لا مثيل لها، فأقاموا مهرجانات الاحتفال في كل مكان وصلوا إليه من القطاع، ومع أنهم عوقبوا على هذه المهرجانات بقصفهم من قبل اليهود، وقتل ستةٍ من شبابهم في رماد وحطام مخيم جباليا، إلا أنهم ظلوا على هذا الفرح والسرور، لأنهم يعلمون أن العدو الصهيوني ليس من طبيعته الوفاء، ولأنهم أيضا يعلمون أن التوقيع على هذه الهدنة لا يعني أنها بدأت بالفعل وأن اليهود لا بد أن يأخذوا قبل بدايتها نصيبًا مما لم يأخذوه من قبل من قتلهم وتدمير ديارهم. ولا لوم عليهم في ذلك، فالهدنة أو المعاهدة أو سمها ما شئت، هي لهم الحياة بعد اليأس منها، وهي الإعمار بعد الهدم وهي الإنجاب بعد التوقف عنه، بل لنقل هي كل شيء بعد فقد كل شيء. فلا بأس عليهم بل نشاركهم في كل عمل مباح قاموا به وعبروا فيه عن سرورهم وبهجتهم بما ليس فيه بهجة ولا سرور، بل هو تفرغ للبحث عن الموتى تحت الأنقاض، ومداواة المجروحين والسعي للإيواء الزمنى، ومن ثَمَّ تأتي مرحلة إزاحة الأنقاض وإعادة الإعمار، وعودة التُجار إن بقي تجار بعد ذلك العام الخبيث من القصف والموت والحصار. ولكن لي إليهم بعض النصائح إن استمع لي منهم أحد في هذا الواقع المزدحم لديهم بالأشغال. منها: أن يستفيدوا مما مر بهم من آلام ولا ينسوها كما فعل اليهود الذين تعودوا على نسيان تجاربهم منذ ساروا مع موسى وأجارهم الله تعالى بآية منه من فرعون، ثم إطعامهم من فضل الله المن والسلوى، ومن بعد ذلك عقوبتهم بالتيه وتحريم الأرض المقدسة عليهم، إلى آخر ما هنالك من تجارب قصها الله في القرآن العظيم ولم تجد من اليهود إلا نكرانًا، كما وقع على يَدَي بني النظير وبني قينقاع وبني قريظة ويهود خيبر، فلم يكن بلاؤهم إلا نتيجة إنكارهم مصائبهم، وتوهمهم أن هزيمتهم كانت نصرًا، وأنهم لن يزدادوا بحراكهم في غير موضع حراك إلا عزًا، فجاءتهم الهزائم تترًا، فأُعيذكم باللهَ أن تكونوا مثلهم وتظنوا ما قدره الله عليكم من الهزيمة نصرًا وما هو بنصر، وإن قالت عنه حماس إنه نصر، واتّبعها في ذلك كثيرٌ من المسلمين الغيورين على الدين لكنهم أخطأوا في ذلك خطأ لم يبصروه، وينبغي أن يبصروه قريبًا قبل أن يقعوا وتقعوا في خطأ مثله، ويزجوا المسلمين زجَّاتٍ كهذه أو أعنف منها. فليس مما قالوه شيء يدل على الانتصار أبدًا، إلا أن الله سبحانه سخر القريبين والبعيدين والدول الخبيثة والطيبة كي تعمل لهذا الصلح، وذلك أن ما فعله الصهاينة بِكُم لا يمكن لشعب ذي نزعة إنسانية، مسلمًا كان أو كافرًا، إلا ويتعاطف مع مصابكم، فلم يكن للساسة إلا أن يقفوا مع هذه المعاهدة طمعًا في رضا شعوبهم، ولعلمكم: فهذه الشعوب التي أحدثت الضوضاء لأجلكم في بلادها ستنسى قريبًا، ولن يبالي اليهود أن يعودوا للغدر والعدوان، سواء أعُدْتُم لما كان منكم، أو لم تعودوا لمثله، لكن لعل الله أن يكون معكم إن لم تعودوا لما يحذركم منه أهل العلم، ولهذا فإياكم إياكم أن تعودوا لمثله. ثم عليكم وجوبًا قبل أن تصلحوا أجسامكم ومبانيكم أن تصلحوا دينكم، فأن يُصلِح الإنسانُ دينه ولا يتكبر على هذه الكلمة ولا يشمئز منها، خير له من حمر النعم، وإصلاح الدين يؤمر به كلُ أحدٍ من المسلمين إلا أن أشد من يؤمر به هم أهل الثغور الذين أنتم أحدهم وأَوْلَاهُم باستعادة التدين وجعله يعمر نفوس الناس وبلادهم، حيث لا ترون في بلادكم تاركًا لتوحيد الله حقيقة، أي لا يعبد غير الله من صاحب قبر أو غيره، ولا ذاكرًا لله بما لا يليق بعظيم ذاته وأسمائه وصفاته، ولا منتميًا لغير الإسلام وإن كان هذا الانتماء لا يُخرج من الإسلام كالصوفية وطرائقها، ولا تاركًا لفريضة من فرائض الدين من صلاة وزكاة وصيام، ولا خائنًا ولا غادرًا ولا غاشًا ولا كاذبًا، ولا امرأة متهتكة وغير عابئة بفريضة الحجاب ولا رجلًا غير صائن لنفسه أو لعرضه وعرض جيرانه. هذا ما ينبغي أن تشغلوا أنفسكم بالدعوة إليه حتى إذا رضي الله منكم ما أنتم عليه أنزل هيبتكم في قلوب أعدائكم وجعل القدرة لكم عليهم متى غدروا بكم وحاربتموهم رغم قوتهم ماديًا وضعفكم في العدد والعدة، هنالك سوف يكون الله معكم كما كان مع رسوله صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة، ومنها ما قال تعالى فيه: ﴿هُوَ الَّذي أَخرَجَ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِم لِأَوَّلِ الحَشرِ ما ظَنَنتُم أَن يَخرُجوا وَظَنّوا أَنَّهُم مانِعَتُهُم حُصونُهُم مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبوا وَقَذَفَ في قُلوبِهِمُ الرُّعبَ يُخرِبونَ بُيوتَهُم بِأَيديهِم وَأَيدِي المُؤمِنينَ فَاعتَبِروا يا أُولِي الأَبصارِ﴾ [الحشر: 2]. فقد نصرهم الله على قوة عدوهم وضعفهم ولكن بعدما نصروه بإيمانهم وعملهم، وقد كان هذا شرطه في النصر كما قال: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾ [محمد: 7] وذلك بعد أن قال سبحانه ﴿فَإِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَروا فَضَربَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثخَنتُموهُم فَشُدُّوا الوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الحَربُ أَوزارَها ذلِكَ وَلَو يَشاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنهُم وَلكِن لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ وَالَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعمالَهُم﴾ [محمد: 4] أي لو أراد الله لانتصر هو من الذين كفروا به دون حاجة إليكم، ولكن لأن الابتلاء سنة دائمة جعل انتصاركم بأحد أمرين، إما قوتكم الفائقة عليهم، وهذا غير موجود في عصرنا فقد سبقنا أعداؤنا بالقوة وبمصادرها وصناعاتها، وإما بنصره سبحانه لكم، وهذا له عند الله شرط واحد وهو أن تنصروه بأعمالكم. وليس من نصره بأعمالكم الثناء العاطر الكثير الممل على دين أعدائكم ومواقفهم المخذولة، وإن زعموا أنهم يُمِدُّونكم بالعتاد والقوة، كما يفعل الآن خليل الحية وهو يجمع أنصاره ومتبوعيه عند مكان مصرع الهالك حسن نصر الات ويعد بأن المقاومة لن تتوقف ويشكر إيران على هذا الصلح الذي لم تقم فيه إيران بأي عمل، ويثني على حسن الخائن للقدس والذي لم يقم للقدس بأي عمل، والذي فرح المسلمون بمقتله وإن جاء على يد أعدائهم. وقول الحية بأن المقاومة مستمرة يدعوني لأن أقول للدول العربية بعدم المشاركة في إعمار غزة حتى تنسحب حماس من رأس السلطة فيها، وتقوم سلطة فيها معظمة للدين على علم وتقوى وحذر وتوق في غزة وفي الضفة الغربية آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر عاملة على إصلاح النفوس بالتدين والعودة بأهل فلسطين إلى كتاب الله وسنة رسوله قولًا وعملًا. وإن من سنته صلى الله عليه وسلم الجهاد، لكن الجهاد يبدأ بجهاد النفس وإصلاحها، وهذا ما على الفلسطينيون القيام به الآن، ولو كان هذا قائمًا في وقتنا الحاضر لما رأيت مليوني فلسطيني يفرون أمام طائرات العدو ولرأيتهم أو رأيت خمسمائة ألف منهم يفيضون على اليهود من كل وجه، ويخترقون المعابر بقوة عددهم ويخوضون في الوطن الفلسطيني ويرهقون الجيش الصهيوني، ويقوم معهم بقية الفلسطينيين في غزة والضفة والداخل؛ لكن ضعف تدينهم جعل الجيش منهم هم حماس التي قاتلت حقًا ببسالة وحطمت دبابات وقتلت جنودًا لكنها قليلة العدد، ودون أن تجد من الناس عونًا كبيرًا، بل كان منهم وهذا مما يؤسفنا عملاء لليهود. وفي نهاية المقال كما في بدايته أهنئ أهل غزة على ما حصل معهم وأسأل الله تعالى أن يُتمه، كما لا يفوتني أن أهنئ أهل جنين بما تم من الصلح بين السلطة وبين كتيبة جنين.
محمد السعيدي
نهنئ إخواننا في غزة على ما حصل من إعلان التوقف عن إطلاق النار من الجانب الصهيوني، أمر أسعدنا كثيرًا كما أسعد أهل غزة سعادة لا مثيل لها، فأقاموا مهرجانات الاحتفال في كل مكان وصلوا إليه من القطاع، ومع أنهم عوقبوا على هذه المهرجانات بقصفهم من قبل اليهود، وقتل ستةٍ من شبابهم في رماد وحطام مخيم جباليا، إلا أنهم ظلوا على هذا الفرح والسرور، لأنهم يعلمون أن العدو الصهيوني ليس من طبيعته الوفاء، ولأنهم أيضا يعلمون أن التوقيع على هذه الهدنة لا يعني أنها بدأت بالفعل وأن اليهود لا بد أن يأخذوا قبل بدايتها نصيبًا مما لم يأخذوه من قبل من قتلهم وتدمير ديارهم. ولا لوم عليهم في ذلك، فالهدنة أو المعاهدة أو سمها ما شئت، هي لهم الحياة بعد اليأس منها، وهي الإعمار بعد الهدم وهي الإنجاب بعد التوقف عنه، بل لنقل هي كل شيء بعد فقد كل شيء. فلا بأس عليهم بل نشاركهم في كل عمل مباح قاموا به وعبروا فيه عن سرورهم وبهجتهم بما ليس فيه بهجة ولا سرور، بل هو تفرغ للبحث عن الموتى تحت الأنقاض، ومداواة المجروحين والسعي للإيواء الزمنى، ومن ثَمَّ تأتي مرحلة إزاحة الأنقاض وإعادة الإعمار، وعودة التُجار إن بقي تجار بعد ذلك العام الخبيث من القصف والموت والحصار. ولكن لي إليهم بعض النصائح إن استمع لي منهم أحد في هذا الواقع المزدحم لديهم بالأشغال. منها: أن يستفيدوا مما مر بهم من آلام ولا ينسوها كما فعل اليهود الذين تعودوا على نسيان تجاربهم منذ ساروا مع موسى وأجارهم الله تعالى بآية منه من فرعون، ثم إطعامهم من فضل الله المن والسلوى، ومن بعد ذلك عقوبتهم بالتيه وتحريم الأرض المقدسة عليهم، إلى آخر ما هنالك من تجارب قصها الله في القرآن العظيم ولم تجد من اليهود إلا نكرانًا، كما وقع على يَدَي بني النظير وبني قينقاع وبني قريظة ويهود خيبر، فلم يكن بلاؤهم إلا نتيجة إنكارهم مصائبهم، وتوهمهم أن هزيمتهم كانت نصرًا، وأنهم لن يزدادوا بحراكهم في غير موضع حراك إلا عزًا، فجاءتهم الهزائم تترًا، فأُعيذكم باللهَ أن تكونوا مثلهم وتظنوا ما قدره الله عليكم من الهزيمة نصرًا وما هو بنصر، وإن قالت عنه حماس إنه نصر، واتّبعها في ذلك كثيرٌ من المسلمين الغيورين على الدين لكنهم أخطأوا في ذلك خطأ لم يبصروه، وينبغي أن يبصروه قريبًا قبل أن يقعوا وتقعوا في خطأ مثله، ويزجوا المسلمين زجَّاتٍ كهذه أو أعنف منها. فليس مما قالوه شيء يدل على الانتصار أبدًا، إلا أن الله سبحانه سخر القريبين والبعيدين والدول الخبيثة والطيبة كي تعمل لهذا الصلح، وذلك أن ما فعله الصهاينة بِكُم لا يمكن لشعب ذي نزعة إنسانية، مسلمًا كان أو كافرًا، إلا ويتعاطف مع مصابكم، فلم يكن للساسة إلا أن يقفوا مع هذه المعاهدة طمعًا في رضا شعوبهم، ولعلمكم: فهذه الشعوب التي أحدثت الضوضاء لأجلكم في بلادها ستنسى قريبًا، ولن يبالي اليهود أن يعودوا للغدر والعدوان، سواء أعُدْتُم لما كان منكم، أو لم تعودوا لمثله، لكن لعل الله أن يكون معكم إن لم تعودوا لما يحذركم منه أهل العلم، ولهذا فإياكم إياكم أن تعودوا لمثله. ثم عليكم وجوبًا قبل أن تصلحوا أجسامكم ومبانيكم أن تصلحوا دينكم، فأن يُصلِح الإنسانُ دينه ولا يتكبر على هذه الكلمة ولا يشمئز منها، خير له من حمر النعم، وإصلاح الدين يؤمر به كلُ أحدٍ من المسلمين إلا أن أشد من يؤمر به هم أهل الثغور الذين أنتم أحدهم وأَوْلَاهُم باستعادة التدين وجعله يعمر نفوس الناس وبلادهم، حيث لا ترون في بلادكم تاركًا لتوحيد الله حقيقة، أي لا يعبد غير الله من صاحب قبر أو غيره، ولا ذاكرًا لله بما لا يليق بعظيم ذاته وأسمائه وصفاته، ولا منتميًا لغير الإسلام وإن كان هذا الانتماء لا يُخرج من الإسلام كالصوفية وطرائقها، ولا تاركًا لفريضة من فرائض الدين من صلاة وزكاة وصيام، ولا خائنًا ولا غادرًا ولا غاشًا ولا كاذبًا، ولا امرأة متهتكة وغير عابئة بفريضة الحجاب ولا رجلًا غير صائن لنفسه أو لعرضه وعرض جيرانه. هذا ما ينبغي أن تشغلوا أنفسكم بالدعوة إليه حتى إذا رضي الله منكم ما أنتم عليه أنزل هيبتكم في قلوب أعدائكم وجعل القدرة لكم عليهم متى غدروا بكم وحاربتموهم رغم قوتهم ماديًا وضعفكم في العدد والعدة، هنالك سوف يكون الله معكم كما كان مع رسوله صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة، ومنها ما قال تعالى فيه: ﴿هُوَ الَّذي أَخرَجَ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِم لِأَوَّلِ الحَشرِ ما ظَنَنتُم أَن يَخرُجوا وَظَنّوا أَنَّهُم مانِعَتُهُم حُصونُهُم مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبوا وَقَذَفَ في قُلوبِهِمُ الرُّعبَ يُخرِبونَ بُيوتَهُم بِأَيديهِم وَأَيدِي المُؤمِنينَ فَاعتَبِروا يا أُولِي الأَبصارِ﴾ [الحشر: 2]. فقد نصرهم الله على قوة عدوهم وضعفهم ولكن بعدما نصروه بإيمانهم وعملهم، وقد كان هذا شرطه في النصر كما قال: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾ [محمد: 7] وذلك بعد أن قال سبحانه ﴿فَإِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَروا فَضَربَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثخَنتُموهُم فَشُدُّوا الوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الحَربُ أَوزارَها ذلِكَ وَلَو يَشاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنهُم وَلكِن لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ وَالَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعمالَهُم﴾ [محمد: 4] أي لو أراد الله لانتصر هو من الذين كفروا به دون حاجة إليكم، ولكن لأن الابتلاء سنة دائمة جعل انتصاركم بأحد أمرين، إما قوتكم الفائقة عليهم، وهذا غير موجود في عصرنا فقد سبقنا أعداؤنا بالقوة وبمصادرها وصناعاتها، وإما بنصره سبحانه لكم، وهذا له عند الله شرط واحد وهو أن تنصروه بأعمالكم. وليس من نصره بأعمالكم الثناء العاطر الكثير الممل على دين أعدائكم ومواقفهم المخذولة، وإن زعموا أنهم يُمِدُّونكم بالعتاد والقوة، كما يفعل الآن خليل الحية وهو يجمع أنصاره ومتبوعيه عند مكان مصرع الهالك حسن نصر الات ويعد بأن المقاومة لن تتوقف ويشكر إيران على هذا الصلح الذي لم تقم فيه إيران بأي عمل، ويثني على حسن الخائن للقدس والذي لم يقم للقدس بأي عمل، والذي فرح المسلمون بمقتله وإن جاء على يد أعدائهم. وقول الحية بأن المقاومة مستمرة يدعوني لأن أقول للدول العربية بعدم المشاركة في إعمار غزة حتى تنسحب حماس من رأس السلطة فيها، وتقوم سلطة فيها معظمة للدين على علم وتقوى وحذر وتوق في غزة وفي الضفة الغربية آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر عاملة على إصلاح النفوس بالتدين والعودة بأهل فلسطين إلى كتاب الله وسنة رسوله قولًا وعملًا. وإن من سنته صلى الله عليه وسلم الجهاد، لكن الجهاد يبدأ بجهاد النفس وإصلاحها، وهذا ما على الفلسطينيون القيام به الآن، ولو كان هذا قائمًا في وقتنا الحاضر لما رأيت مليوني فلسطيني يفرون أمام طائرات العدو ولرأيتهم أو رأيت خمسمائة ألف منهم يفيضون على اليهود من كل وجه، ويخترقون المعابر بقوة عددهم ويخوضون في الوطن الفلسطيني ويرهقون الجيش الصهيوني، ويقوم معهم بقية الفلسطينيين في غزة والضفة والداخل؛ لكن ضعف تدينهم جعل الجيش منهم هم حماس التي قاتلت حقًا ببسالة وحطمت دبابات وقتلت جنودًا لكنها قليلة العدد، ودون أن تجد من الناس عونًا كبيرًا، بل كان منهم وهذا مما يؤسفنا عملاء لليهود. وفي نهاية المقال كما في بدايته أهنئ أهل غزة على ما حصل معهم وأسأل الله تعالى أن يُتمه، كما لا يفوتني أن أهنئ أهل جنين بما تم من الصلح بين السلطة وبين كتيبة جنين.