تحديات غير مسبوقة
واجه أخصائيو الرعاية الصحية، الذين يشكلون أكبر شريحة من القوى العاملة الطبية، تحديات غير عادية أثناء الوباء، وهي أصعب فترة في تاريخ الرعاية الصحية الحديث، تكشف الدراسة عن معدلات مرتفعة للقلق والاكتئاب، حيث تتراوح بين 23% و61% بين العاملين في هذا المجال خلال الأزمة.
تستند الدراسة، التي نُشرت في مجلة التمريض الدولية، إلى بيانات من 9387 ممرضة في 35 دولة، بما في ذلك الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط والعالي، أُجري البحث بين يوليو 2022 وأكتوبر 2023، من خلال الاتحاد العالمي لدراسات التمريض والقبالة، الذي يضم الآن 82 دولة تدرس آثار الوباء طويلة الأجل على القوى العاملة التمريضية.
تأثيرات الوباء
تقول المؤلفة الرئيسية، أليسون سكويرز، الأستاذة في كلية روري مايرز للتمريض بجامعة نيويورك: «تصف دراستنا كيف تتأثر الممرضات بالضغوطات في مكان عملهن، وتظهر كيف ينتقل الإجهاد إلى حياتهن المنزلية». تشير النتائج إلى أن 44% من الممرضات تعاني من القلق في العمل، بينما أبلغ 21% عن الاكتئاب، وشعر 57% بالإرهاق المستمر، استمر هذا التأثير في المنازل، حيث استمر 34% في الشعور بالقلق، و19% في محاربة الاكتئاب.
الفروق الثقافية
تختلف معدلات الأعراض بشكل كبير حسب البلد، في البرازيل، أبلغ 69.9% من الممرضات عن قلق في مكان العمل، بينما كانت النسبة 23.8% في إندونيسيا، في تركيا، شعر 80.9% بالإرهاق، مقارنة بـ6.7% في تايلاند، تعكس هذه الفروق المواقف الثقافية تجاه الصحة العقلية، وهياكل أنظمة الرعاية الصحية، وأساليب إدارة الإجهاد في أماكن العمل.
الخسائر الشخصية
خلال الوباء، لم تكن الممرضات غارقات فقط في التحديات المهنية، بل فقدت واحدة من كل خمس ممرضات أحد أفراد عائلته بسبب كوفيد-19، بينما فقد 35% من الأصدقاء و34 % من زملاء العمل، كان على العديد منهن الاستمرار في العمل أثناء معالجة حزنهن، مما زاد من العبء العاطفي. تكتب سكويرز ومؤلفوها المشاركون: «لا ينبغي التقليل من شأن الخسائر الشخصية المذهلة للأصدقاء والعائلة وزملاء العمل، وآثارها على الصحة العقلية للممرضات».
العدوان الاجتماعي
عانى ما يقرب من نصف الممرضات من العدوان من الجمهور لمجرد كونهن عمال رعاية صحية، تشير سكويرز إلى أن هذه المشكلة تمثل «قلقًا بالغًا ومشكلة سلامة العاملين الصحيين المستمرة»، نشأ هذا العداء غالبًا من التوترات المتعلقة بالوباء والمعلومات المغلوطة، مما زاد من الضغط على مهنة تتطلب بالفعل الكثير من الجهد.
نقص الدعم المؤسسي
على الرغم من أن 2% فقط من الممرضات وصفن أنفسهن بأنهن «محترقات تمامًا»، أفاد 16% إضافية بأنهن تعاني من أعراض الإرهاق، يشير هذا المعدل المنخفض إلى حقيقة اقتصادية في العديد من البلدان، حيث يتعين على الممرضات مواصلة العمل، بغض النظر عن مستويات الإجهاد لإعالة أسرهن.
فشلت مؤسسات الرعاية الصحية في تقديم الدعم الكافي خلال هذه الأزمة، حيث شعر 24% فقط من الممرضات أن أصحاب العمل قدموا خدمات كافية للصحة العقلية، تعاني العديد من المرافق من نقص الموارد اللازمة لتقديم الدعم، بينما قد يفتقر البعض الآخر إلى الوعي بمدى الحاجة.
الحاجة إلى التغيير
تقول سكويرز: «إن تعزيز الرعاية الذاتية لن يعالج نطاق المشاكل التي حددناها؛ نحن بحاجة إلى تطوير دعم صحي مستهدف ويمكن الوصول إليه من أجل تعزيز قوة عاملة تمريض مرنة».
على الرغم من هذه التحديات، تعمل الممرضات بنشاط على حماية صحتهن العقلية من خلال تحسين ممارسات الرعاية الذاتية، مثل ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي، وتعزيز الشبكات الاجتماعية، لكن لا يمكن للاعتماد على إستراتيجيات التكيف الفردية وحدها أن تعالج القضايا النظامية التي كشفت عنها الدراسة.
تأثيرات طويلة الأمد
تشكل هذه الأزمة تهديدًا لاستدامة النظام الصحي عالميًا، خاصةً في الدول النامية التي تعاني من نقص الموارد والموظفين، يحذر المجلس الدولي للممرضين من أنه، إلى جانب شيخوخة القوى العاملة، فإن مغادرة الممرضات بسبب التعب والإجهاد ستؤدي إلى تفاقم النقص العالمي الحاد بالفعل.
يواجه ما يقرب من نصف الممرضات في جميع أنحاء العالم العدوان العام.