القيادة هي التأثير الإيجابي على الآخرين. ومع أن هذه الجامعات وغيرها تحدد مفهوم القيادة في إطار العمل المؤسسي، مركزة على جوانب مثل التحفيز، والتطوير، والتخطيط، والتوسع، ورفع الأرباح، وبناء الممالك المؤسسية، إلا أن مفهوم القيادة يتجاوز هذه الحدود. فالقائد الحقيقي هو الذي يمتلك رسالة سامية تحلق في الآفاق، تؤثر في مختلف القطاعات، وتلامس المجتمع بأطيافه، متجاوزةً أطر المؤسسات الحديثة التي لم يتعدَّ عمرها المائة عام.
القيادة ليست محصورة داخل جدران المؤسسات التي اعتدنا حصرها فيها، بل هي صفة إنسانية سامية يتسم بها الشخص، تجعله زاهيًا أينما وجد، كالغيث النافع أينما حلّ. القائد القدوة هو من يغرس الأمل، وينشر العلم، ويحقق التمكين، مستعينًا بكلمة طيبة، وسلوك قويم.
لتطوير هذه السيكولوجية القيادية، نحتاج إلى المعرفة الصحيحة والحكمة المستمدة من الشريعة، التي طرقها جميعًا طرق الحكمة مما صواب. ولا شك أن فشل كثير من القادة وفق النسب المطروحة في أحد برامج تلك الجامعات، لا يرجع إلى قصور تقني أو إداري، بل إلى افتقارهم للجوانب الأخلاقية، التي تختلف نسبيًا من مجتمع إلى آخر. ومع ذلك، فإن معرفة الشريعة الصحيحة وتطبيقها تمثل السبيل لتحقيق عدالة واضحة، ونفس طيبة تحب للآخرين ما تحب لنفسها، وتنظر إليهم كوحدة واحدة، تتكامل معهم بدلًا من أن تفصلهم.
القائد الحق يرى نفسه مرآة لأخيه، يقدم النصح والتوجيه الصائب، ويرسخ مفاهيم الصدق، والوفاء بالعهد، وروح الجماعة، والدفاع عن الضعيف، وتحمل المسؤولية، والسعي لتحقيق الفكرة الأسمى. هذه المعاني تتجلى بوضوح في شريعتنا وفي سيرة قدوتنا الحبيب، لتشكل نموذجًا قياديًا فريدًا، صالحًا لكل زمان ومكان.