وتسعى المملكة من خلال هذه السياسات والإجراءات الفعالة والرائدة، إلى القضاء على العمل الجبري نهائيًا وتوفير بيئة تشجع على العدالة والمساواة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
وتُعد السياسة الوطنية للقضاء الفعلي على العمل الجبري هي الأولى من نوعها خليجيًا وعربيًا، وتؤكد على التزام المملكة بحماية حقوق الإنسان من خلال البنى التشريعية ومبادئ الشريعة الإسلامية، كما تسهم في توفير بيئة عمل آمنة لجميع العاملين في سوق العمل السعودي، مما يعزز سياسات العمل وفق الممارسات الفضلى التي تحمي حقوق العاملين.
خطة عمل
تهدف المملكة إلى تعزيز تدابير الوقاية والحماية والدعم وإنفاذ الأنظمة ومضاعفة تكثيف الجهود الرامية إلى القضاء على جميع أشكال العمل الجبري، وتنطلق في ذلك من التزامها بتحقيق العدل وحظر الممارسات الجائرة وحماية حقوق الإنسان، في ضوء ما يقضي به النظام الأساسي للحكم، ووفقًا لأحكام الأنظمة واللوائح ذات الصلة، والمعاهدات الإقليمية والدولية المصادق عليها.
وفي هذا السياق، صدر المرسوم الملكي بتاريخ 1442، على انضمام المملكة إلى بروتوكول عام 2014 المكمّل لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 29 لعام 1930 المتعلقة بالعمل الجبري، ونصت المادة الأولى من البروتوكول على أن تضع كل دولة عضو على الصعيد الوطني سياسة وخطة عمل للقضاء على نحو فعلي ودائم على العمل الجبري أو الإلزامي كما تضمنت أن يُعاد التأكيد على تعريف العمل الجبري أو الإلزامي الوارد في الاتفاقية.
ويشكل انضمام المملكة إلى هذا البروتوكول تأكيدًا على التوجه الوطني لتعزيز الإطار القانوني النظامي الحالي لمنع العمل الجبري، والتأكيد على اتخاذ خطوات إضافية لحماية العاملين من جميع ممارسات العمل الاحتيالية والتعسفية، إضافةً إلى تعزيز التدابير القائمة للحصول والاستفادة من سبل الانتصاف الفعالة.
تعريف العمل الجبري
يعرف العمل الجبري أو القسري - وفقًا لاتفاقية منظمة العمل الدولية - بأنه «كل أعمال أو خدمات تغتصب من أي شخص تحت التهديد بأي عقوبة ولم يتطوع هذا الشخص بأدائها بمحض اختياره».
ويتحقق العمل الجبري عند اكتمال 3 عناصر بين العامل وصاحب العمل، وهي عنصر العمل أو الخدمة، والتهديد أو الإكراه، وعنصر انعدام الرضا والاختيار، وبناء على التعريف السابق يدخل ضمن العمل الجبري أي أعمال أو خدمات يقدمها أي شخص لغيره من فرد أو منظمة نتيجة الإكراه أو التهديد بإلحاق الأذى أو الحرمان من الحقوق دون أن يختار هذا الشخص بمحض اختياره تقديمها ابتداءً، أو الاستمرار في تقديمها.
فعنصر «العمل أو الخدمة» يتضمن جميع أنواع الخدمات والعمل في أي نشاط أو صناعة أو قطاع، بما في ذلك الاقتصاد المنظم وغير المنظم، وبغض النظر عن كون العمل المجبر عليه بالأصل عملًا مشروعًا أو غير مشروع.
الإيذاء الجسدي
يقصد بعنصر «التهديد أو الإكراه» أي وسيلة سواء مباشرة أو من خلال وسيط «أي شخص تربطه علاقه مع صاحب العمل» لإجبار شخص ما على العمل رغما عن إرادته، وعلى السبيل المثال لا الحصر: قيام صاحب العمل أو من ينوب عنه بممارسة العنف أو الإيذاء الجسدي لإجبار العامل على أداء العمل، والتهديد بالاعتداء على جسد العامل أو عرضه أو أسرته أو ماله أو ممتلكاته، كذلك عدم دفع الأجور، أو الحجز على الوثائق الشخصية أو غيرها من المخصصات المستحقة للعامل، فضلا عن تقييد الحركة أو الإحتجاز داخل مكان العمل أو منطقة محددة، واستغلال صاحب العمل أو من ينوب عنه نقاط ضعف العامل أو ظروفه غير النظامية، بقصد إجباره على العمل سخرة أو ضمن ظروف عمل مجحفة تتنافى مع الكرامة الإنسانية وتشكل انتهاكاً لحقوق العامل.
إطار وطني
تهدف السياسة الوطنية للقضاء الفعلي على العمل الجبري إلى وضع إطار وطني يسهم في تحقيق ظروف العمل اللائق للجميع، وتوحيد الجهود وفق نهج تكاملي بهدف القضاء الفعلي على جميع أشكال العمل الجبري في جميع أنحاء المملكة، فضلًا عن التأكيد على اتخاذ التدابير الوقائية والحماية وتحقيق العدالة وتقديم الدعم من دون أي تمييز، وتعزيز التزامات المملكة بالاتفاقيات والقوانين والمعايير الدولية، فضلا عن تأكيد التوجه التشريعي والتنظيمي للمملكة العربية السعودية في حماية الحقوق وتحقيق العدالة ومكافحة الممارسات التعسفية والإجرامية المتعلقة بالعمل الجبري، مع تأسيس منطلق يهدف إلى المزيد من الإصلاحات النظامية الرامية إلى الحظر الكامل والصريح للعمل الجبري بجميع صوره وأشكاله.