تقلم الحياة أعمارنا كما نقلم الأشجار وليتنا جعلنا اللحظات تتساقط بسلام من شجرة العمر دون التقاطها.
لن تسمح لنا الحياة بإعادة الماضي؛ لأن حفظ أوراق الأشجار المتساقطة لن يعيد جمالها ورونقها التي كانت عليه قبل سقوطها، حتى وإن استطعنا الحفاظ على لونها وشكلها؛ فجمال الأشياء كائن لا يتجزأ.
إن اللحظات السعيدة تستمد جمالها من محيطها وموضوعاتها ووقتها ومشاعر أصحابها فلا يمكن لعدسة التصوير عكس كل هذه الأشياء داخلها.
انظر إلى القمر حين ينعكس ضوؤه على البحر فيمنحه جمالا خاصا ولكن هذا الجمال لا يمكن حصره وتفسيره لأن العلاقة بين القمر والبحر لا تنحصر في انعكاس الضوء على الماء بل في كل شيء حتى في معنى المسافة بينهما.
إن إدمان التصوير يجعل اللاقط كمن يحتفظ بدموع التماسيح، ليقول عن تلك القطرات أنها دموع حقيقية.
لا يمكن إيقاف الدهشة إلى أن يتم التقاطها.
ولا معنى لابتسامة صنعت ليتم التقاطها وحبسهاولن يحتفظ الطعام بمذاقه في صورك، كما أنه لا يمكن تعبئة الصور بنسمات الهواء ورائحة المكان وتفاعل اللقاء.
النظر إلى الصورة هو بمثابة النظر إلى المرآة في غرفة مظلمة، فهذا لا يشعرك بشيء وإن كانت المرآة محتفظة بصورتك.
الذكريات نور أسود لا يضيء شيئا، فعش لحظاتك ولا تجعل ماضيك يزاحم حاضرك. عش سقوط لحظاتك بدلا من إضاعة الوقت في إخراجها عن واقعها والتقاطها وحبسها. فهي لحظات لن تعود مهما فعلت.
اترك الكاميرا وعش اللحظة.