سعادة الإنسان تتعلق بأشياء عديدة كالعافية والمال والتكاثر وتحقيق الأمنيات، وليس بالضرورة أن يحصل الإنسان على كل أسباب السعادة، بل عليه أن يواجه المنغصات بينما هو يستمتع بالحياة. ومنذ هبوط سيدنا آدم إلى الأرض، كُتب عليه وعلى ذريته من بعده أن يعمروا الأرض ويسعدوا بها، رغم أن الإنجاب والأبوة من أهم أسباب السعادة، وهي وظيفة بيولوجية يهبها الله لمن يشاء لضمان الاستمرارية على هذه الأرض. ولكن ما هو عدد الأبناء الكفيل بجلب السعادة! واحد، اثنان أم ثلاثة أو ربما يستمر في الإنجاب حتى تفقد المرأة هذه الوظيفة!

بقدر ما تمنح تجربة الإنجاب من سعادة بقدر ما تتكرر، ولكن لم يسأل أحد نفسه هل أنا أمنح طفلي السعادة ذاتها التي منحها لي! أحياناً تؤثر أنانية الأبوة في ذلك، حيث يرغب الأبوان في تنشئة إنسان كما يريدان، بغض النظر عمّا يريد ويرغب، وأحياناً يُولد هذا الطفل ولا يتلقى ما يستحقه من الرعاية فتفشل حياته. كثير من الناس يرغبون في إنجاب دزينة من الأطفال، لأنهم بهجة، ولكن سرعان ما يتذمرون من متطلباتهم، شقاوتهم، وأحياناً يتهربون من مسؤولياتهم ويلقونها على أكتاف آخرين كالأجداد وأحياناً كثيرة الخدم. لذلك أجريت بعض الدراسات لمعرفة ما هو العدد الأنسب من الأطفال الذي يمنح السعادة ومعه يمكن رعايتهم بشكل أفضل. حاولت دراسات تحديد العدد الأنسب من الأطفال الذي معه يتحقق مستوى أعلى من السعادة. ففي 2005 ذكرت دراسة أن إنجاب مزيد من الأطفال لا يحقق زيادة في مستوى السعادة الذي حققه إنجاب الطفل الأول، بينما وجدت دراسات في أوروبا أن إنجاب طفلين هو قمة السعادة ويا حبذا لو كانوا إناثاً، لأن الإناث أكثر ألفة ولطفاً من الذكور. يليها العائلة التي لديها بنت وولد، فكانت هذه هي الصورة النمطية للعائلة المثالية منذ الستينيات للتركيز على جودة الحياة. وتبنت هذه الفكرة دول من العالم الثالث، وذلك بالحث على ترشيد الإنجاب وتنظيم الأسرة. وفي أمريكا اعتبر قرابة 50 % من المشاركين في أحد الاستطلاعات التي أجرتها مؤسسة جالوب (Gallup) أن إنجاب طفلين هو الخيار الأفضل، بينما فضل 26 % منهم إنجاب ثلاثة أطفال، واستبعدوا خيار الطفل الواحد، فالطفل الوحيد ينشأ غير مدرك لمفهوم العائلة والمشاركة أحياناً).

واتفق معظم الآباء والأمهات أن زيادة عدد الأطفال يرفع مستوى التوتر، وحرصت بعض الدراسات على إثبات أضرار الحمل المتكرر على صحة المرأة، فقد وجدت دراسة بجامعة كامبريدج أنه كلما ازداد عدد الأطفال لدى المرأة، ارتفع خطر تعرضها للإصابة بأزمات قلبية وسكتات دماغية وفشل عضلة القلب، وأكثر حدوثاً في الأمهات اللاتي أنجبن خمسة أطفال وأكثر. ولكن في الواقع أن النساء اللاتي لم ينجبن العدد الذي يرغبن به لسبب أو لآخر هن أكثر عرضة للحزن، وللحزن مضاعفاته.


ليس هناك عدد مثالي من الأطفال، فحجم الأسرة المثالي مختلف ما بين شخص وآخر، كل أسرة ستكون أكثر سعادة حين تحقق مبتغاها، أيًّا كان، ولعل الفارق الأكثر جوهرية لا يظهر في إنجاب طفلين مقارنة بواحد، أو ثلاثة أطفال مقارنة باثنين، بل في وجود أطفال من عدمه، وكذلك في القدرة على إعطاء الطفل ما يستحقه من الرعاية والحب، فالعاشر فيهم كالأول.