كتبنا عشرات المقالات عن الرؤية وأهميتها ونردد أن الرؤية هي من أهم الأحداث في تاريخ الدولة السعودية خلال 300 سنة، لأنها ستغير وجه المملكة للأفضل في جميع المجالات.

لكن هناك عبارة نرددها باستمرار في كل مقالات الرؤية ومنذ سنوات (أن رؤية 2030 هي رؤية ديناميكية حيوية) أي إنها ليست جامدة وقابلة للتكيف والتطور والتعديل مع الوقت والظروف! رددنا هذه العبارة عن الرؤية منذ سنوات وليس الآن. حاليًا انتشرت بعض الأخبار أن هناك إعادة تقييم لبعض مشاريع الرؤية وعمل اللازم من تعديلات بما يناسب المرحلة والظروف! وهذا شيء إيجابي وليس سلبيًا إطلاقًا! يدل على أن الرؤية تسير في المسار الصحيح، إن من أهم عوامل نجاح أي إستراتيجية أو رؤية أو حتى أي مشروع هو وجود (التصحيح / التعديل الذاتي) لأن الشيء الثابت في العالم هو التغيير، فمن لا يتغير ويتأقلم ويتكيف مع الظروف يصبح ماضيًا أو يتأخر!

قد أكون أحد المتحمسين للرؤية أو متعصبًا لها (سمها ما شئت) لكن لو لم تكون الرؤية ديناميكية وحيوية لما تعصبت لها بهذه الطريقة، بل إن هذه الصفة من أهم ما يميزها، قدرتها على التغيير والتطوير! مستحيل أن نبقى على أفكار قبل 8 سنوات مثلا والعالم يتغير بين ليلة وضحاها!


إن رؤية السعودية 2030 هي خطة طموحة تهدف إلى تحويل المملكة إلى نموذج عالمي استثنائي فريد في مختلف المجالات، ولتحقيق هذا الهدف من الضروري أن تكون الرؤية مرنة وقابلة للتكيف والتعديل والتحسين المستمر.

الرؤية وضعت لتكون مرنة بما يكفي لتستجيب للتحديات والفرص الجديدة، على سبيل المثال، التغيرات الاقتصادية العالمية أو التطورات التكنولوجية يمكن أن تتطلب تعديلات في الخطط والإستراتيجيات لتحقيق الأهداف المرجوة، والمرونة تتيح للمملكة الاستفادة من الفرص الجديدة والتغلب على التحديات غير المتوقعة.

بل إن التعديل والتحسين المستمر يعكسان الرغبة في التطور والنمو، ومن خلال مراجعة الرؤية بشكل دوري وتحديثها بناءً على التغذية الراجعة والتجارب السابقة، يمكن تحسين الأداء وزيادة فرص النجاح. إن هذا النهج يساعد في تجنب الركود ويضمن أن تظل الرؤية ذات صلة وفعالية. ولا شك أن التحسين المستمر يعزز من قدرة المملكة على مواجهة التحديات المستقبلية بفعالية أكبر.

وهناك أمثلة كثيرة من شركات وأفراد عالميًا حققوا النجاح من خلال الرؤية المرنة والقابلة للتكيف، وعلى سبيل المثال، شركات التكنولوجيا الكبرى مثل قوقل وآبل تعتمد على رؤى مرنة تمكنها من الابتكار المستمر والتكيف مع التغيرات السريعة في السوق.

وسأضرب أمثلة عالمية على نجاح الرؤية المرنة وكيفية أن تغيير الخطط دراماتيكيًا يكون عاملًا أساسيًا إيجابيًا في نجاح الخطط والإستراتيجيات:

بدأت أمازون كمتجر لبيع الكتب فقط عبر الإنترنت في عام 1995. ومع مرور الوقت، وسعت الشركة رؤيتها لتشمل مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات. اليوم، تعد أمازون واحدة من أكبر شركات التجارة الإلكترونية في العالم، وتقدم خدمات مثل الحوسبة السحابية والبث التلفزيوني الرقمي.

أيضًا كانت آبل في البداية شركة متخصصة فقط في تصنيع أجهزة الكمبيوتر الشخصية. ومع مرور الوقت، وسعت الشركة رؤيتها لتشمل مجموعة واسعة من المنتجات التكنولوجية مثل الهواتف الذكية (iPhone) والأجهزة اللوحية (iPad) والساعات الذكية (Apple Watch).

وبدأت شركة (شل) كمتجر لبيع الأصداف البحرية في أواخر القرن التاسع عشر، ومع مرور الوقت، عدلت الشركة رؤيتها لتصبح واحدة من أكبر شركات النفط والغاز في العالم. هذا التحول الكبير ساعد شل على تحقيق نجاح كبير في صناعة الطاقة.

أريد أن أؤكد أن الرؤية في أيدٍ أمينة بحفظ الله أولًا، ثم بقيادة ومتابعة سمو ولي العهد أبو سلمان، ما دام ظل أبو سلمان موجودًا فالرؤية بخير وتطور!

إن كان هناك من شيء، لست أقول أخشاه ولكن ربما يثير الغبار بعض الشيء، فهم فئة المتلونين والمتسلقين على الرؤية، أناس يدعون أنهم مع الرؤية من باب ركوب الموجة وحفظ المصالح والمناصب لكن تفكيرهم لا يواكب الرؤية، للأسف رأينا أناسًا يدعون وصلًا بالرؤية وتفكيرهم رجعي، كأنّه تفكير ملف أخضر علاقي! عندما تقابل بعض هؤلاء الناس في الخارج يكونون أكثر صراحة وانفتاحًا لما تخفي قلوبهم، ربما الود ودهم ترجع الأيام القديمة أيام التخلف والجمود والنفوذ والمصالح للمناصب والبيروقراطية والتعقيد والاستغلال الوظيفي والتحايل على الأنظمة نتيجة لقصور التنظيمات والتشريعات كما كان سابقا! ومحاربة الجديد والأفكار الخلاقة. للأسف بعض هذه النوعيات ما زالت موجودة وإن كانت تحاول تغطية ضحالة أفكارها برفع الصوت بالتهليل للرؤية!

الرؤية الآن حقيقة واقعة، ظهرت آثارها ونتائجها على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، واعترف بقيمتها وجدواها الأعداء قبل الأصدقاء، وتفوقت مستهدفاتها على نفسها، وكثير من المؤشرات ومستهدفات 2030 تحققت في منتصفها وليست نهايتها، ولذلك لا مكان أو قيمة للمشككين أو مثيري الغبار حول رؤية 2030.