تعالوا لنتخيل هذا الخبر «تعلن الإدارة العامة للمرور عن قرار يلزم جميع قائدي وقائدات المركبات وكذلك الشاحنات والحافلات بتركيب كاميرات «الداش كام» dash cam في سياراتهم، ويتعين على كل شخص يجري الفحص الدوري لمركبته التأكد من وجود هذه الكاميرات».

ولمن لا يعرف «الداش كام»، هي كاميرا مثبتة على لوحة القيادة في السيارة، تُستخدم لتوثيق الأحداث أثناء القيادة بتسجيل فيديو بشكل مستمر، ما يمكن السائق من الحصول على دليل مرئي في حالة وقوع حوادث أو مواقف طارئة على الطريق. تساعد هذه التقنية في تقديم الأدلة للشرطة أو شركات التأمين وبشكل سريع وفعال حول تفاصيل الحادث، وستقلل كثيرا من الازدحام المروري من جراء الحوادث.

السؤال: ماذا لو صدر فعليا هذا القرار؟ أعتقد أنها ستكون خطوة كبيرة تساهم بشكل كبير في الحد من الحوادث من خلال التوثيق المستمر والرقابة الدائمة على الطرق، خاصة عندما تكون هذه التقنية رخيصة الثمن وبأسعار رمزية غير مكلفة، ولعل الأرقام الأخيرة التي أعلنت قبل أيام في التقرير الأخير عن السلامة المرورية 2023، شاهد حي على ما نقول، حيث بلغ معدل وفيات الحوادث المرورية محليًا 13.23 شخصًا لكل 100 ألف نسمة. هذا الرقم يعكس معاناة لم تعد تُحتمل، خصوصًا في ظل زيادة معدلات الحوادث المرورية التي تصل إلى 1.423.661 حادثا مروريا. ولا يزال الأمر متفاقمًا، حيث سجلت خسائر الحوادث المرورية في عام 2023 ما يُقارب 30 مليار ريال سعودي، وهو رقم ضخم يكشف عن الأثر الاقتصادي والاجتماعي الذي تتركه هذه الحوادث، خاصة أن الهدف في 2030 هو أن نصل إلى 50 % من معدل الحوادث المرورية. وعليه يجب أن تتخذ كل التدابير التي من شأنها خفض هذه الأرقام، وبالتالي نصل للهدف المنشود في أسرع وقت ممكن.


إضافة إلى أن القرار حال تفعيله سيحمي قائدي وقائدات المركبات من أي اعتداء لفظي أو جسدي أو تحرش، فعندما تتصاعد النزاعات، يقدم «الداش كام» كلمة الفصل بتقديم الصور والفيديوهات اللازمة لهذا الغرض، ما يجعله حلًا عمليًا وفعالًا..

الجدير بالذكر أن بعض الدول اعتمدت هذه التقنية، إذ تُعتبر روسيا واحدة من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث أظهرت الدراسات أن توظيف الداش كام ساهم في تقليل الحوادث بشكل ملحوظ. الكاميرات التي كانت تُستخدم أصلًا لأغراض الترفيه أصبحت الآن جزءًا أساسيًا من السلامة المرورية. كذلك في كوريا الجنوبية، أصبح تركيب كاميرات الداش كام موجودًا في سيارات الأجرة والحافلات، كخطوة مهمة لتحسين سلامة الركاب وضمان أمانهم.

تجارب هذه الدول تُبرز فعالية الداش كام كأداة للأمان والتنظيم في حركة المرور.

أخيرًا أقول: «الداش كام» ليست مجرد أداة تصوير، بل تعتبر وسيلة مهمة لتعزيز الأمان والسلامة على الطرق، أتمنى من المسؤولين في الإدارة العامة للمرور الإسراع في إصدار هذا القرار كونه سيسهم في تحقيق العدالة المروية. أظهرت الدراسات أن توظيفها ساهم في تقليل الحوادث بشكل ملحوظ، الكاميرات التي كانت تُستخدم أصلًا لأغراض الترفيه أصبحت الآن جزءًا أساسيًا من السلامة المرورية.