والحل ليس في إعادة صياغة ما كتبه الغربيون في نقد حداثتهم، فهذا الفعل رجعي في نتائجه الاجتماعية على المستوى البيداغوجي/التربوي، لكنه «ديماغوجي/دهمائي/شعبوي» في الحصول على القبول الاجتماعي، إنها بشاعة تشبه بشاعة حكاية من الخيال: عن من ينقل إحصائية حوادث السيارات في الغرب لقريته التي ما زالت تركب الدواب، ثم يقول: من حقنا تعريف قريتنا بحقيقة دخول السيارة، بينما قريته ما زالت ترتبك من دخول الراديو لبيوتها، وعندما تناقش هذا «الحداثوي» على انفراد عما درسه من مناهج مختلفة «فرانكفونية/انجلوساكسونية» يقول لك بهمس المتذاكي: يا أخي حياتي الحقيقية ليست في هذه القرية، وأولادي يقيمون في المدينة الكبيرة وكل واحد منهم معه سيارة، ومن حقي إذا جئت قريتي القديمة أن امتدح كل تاريخ طفولتي، أعتبرها نوعًا من «ثرثرة النوستالوجيا»، ويعتبرها عمدة قريتي نوعًا من الأصالة؟!، وترى جماعتي ينبسطون، وألقى منهم الترحيب وحفلات «التكريم» الدائم، تخيل يمدحوني بتناقض يضحكك يقولون: «هذا الأكاديمي المثقف الذي لم يغيره الزمن» يشبهونني بالحجر!!، فتقول له: لا تلمهم فحتى الشجر يتغير شكله وحجمه ويثمر أو يموت فيصير حطبًا، إلا أنت فقد جمعت بين التطور العلمي الأكاديمي وثبات الشخصية «ثبات الحجر»، فيتجاهل الرد عليك ويسترسل: تصدق أنهم ما زالوا يعيشون سوالف الجن والسحر والحسد، وأتفاعل معها بطيبة خاطر، أما أنت فوالله ثم والله أيمان مغلظة أنك تكتشف ولو بعد حين إنك «تقبص في حيد وتخطط في ماء»، ولا تحملنا فوق ما نطيق كأنك تصدق شعار «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، فتنصرف بصمت مرددًا بينك وبين نفسك قصيدة حداثية تقول: «سنظل نحفر في الجدار، إما فتحنا ثغرة للنور، أو متنا على وجه الجدار.....!!».
فجأة تصلك رسالة واتس أب تقول: «جب معك زبادي وخبز للأولاد»، فتبتسم ساخرًا من ارتطام الشعارات بأرض الواقع، فيتسع قلبك للجميع لأن ترتيبك ثقافياً «صفر» على خط الأعداد، فتستطيع أن تقول ما لا يقوله غيرك عن الأعداد الصحيحة يمينك وشِمالك، فالحرية ليست عدما، الحرية صفر، العدم هو حاصل قسمة واحد على صفر، ولن تخشى من رد أحد، فأي رقم كبير لن يغامر بضرب نفسه في صفر.