الفرق بين الكلمتين حرف واحد، وما بين الدال والميم معان ومعان. فظاهريا من الواضح جدا الفرق بين الكلمتين. فالانتقاد إذا تم تقديمه بشكل مهذب ومفيد سيكون في خانه البناء ويساعد على التحسن والنمو والتطور وبديهيا العكس كذلك. المفارقة بأن ما يحدث في الآونة الأخيرة جعل الانتقاد مرادفًا صريحًا ومباشرًا لكلمه انتقام، وتغيرت أبجديات اللغة بسبب دوافع نفسية ونوايا واضحة للعودة للماضي والانتقام منه بطرق مختلفة تحت ذريعة «أنا هنا انتقد انتقاد المحب»!

هذا ما تجلى على السطح مؤخرًا من بعض الإعلاميين والمؤثرين والمشاهير من فنانين ولاعبين وغيرهم. ينتقدون بلغه مغلفة بالانتقام والتشفي، ثم يختم تجريحه وهجومه بعبارة معلبة ساذجة لا تتناسب مع ما ذكره، بقوله أنا انتقد من محبة ولا يوجد بيني وبينهم شيء! ولا يتبادر للذهن حينها إلا عبارة واحدة (لا يا شيخ).

لست هنا لأعطي دروسًا في كيفية الانتقاد الإيجابي، ولست واعظًا كي ينصح بألا تنتقم من زملائك في المهنة. فقط يا من لست بعزيزي استخدم مفرداتك بدقة ووضوح، وكن جريئًا بما يكفي لأن تقول هذا انتقام، وهذا انتقاد، أما الخلط بينهما كي تحمي نفسك وتعطيها الحق ويرتاح ضميرك، فهذا تلاعب لا ينطلي إلا عليك أنت.

المزعج أن هؤلاء اللاعبين والمشاهير يقومون بذلك الانتقام.. أعتذر أقصد الانتقاد.. تجاه أشخاص وأماكن وكيانات وأشياء كانوا هم جزء منها، أزعم بأن هذا خلفه عدة أسباب. قد يكون هذا الهجوم بسبب أن الأضواء بدأت تخفت حولهم، ويلهثون جاهدين لأن يعودوا لها حتى لو كان ذلك على حساب المبادئ والأصول. أو قد يكون بسبب أنهم كانوا في جيل مختلف من حيث المزايا والصلاحيات والتمكين والفرص، فما هذا الهجوم إلا ترجمة لغيرة وحسد. أو قد يكون بسبب أن هذا الكلام كان من المفترض أن يقوله سابقا ولم يحصل على الفرصة المناسبة، ولذلك جمع الفرصة مع الرغبة بالعودة للأضواء في سياق (خالف تعرف) فأصبح المزيج مثاليًا بالنسبة له.

أدرك تماما بأن المشاهير بجميع فئاتهم يمرون بتقلبات نفسية كثيرة، تؤدي بهم في نهاية المطاف إلى الاكتئاب وغيرها. فنماذج العالم البعيد تقول إن الكثير منهم مع الأسف وصل مرحلة الإدمان على شرب الكحوليات والآخر على المخدرات، والبعض ترددت في رأسه كثيرا فكرة الانتحار. لا بأس من السيطرة على هذه التقلبات في مراجعة طبيب مختص، بدلا من تفريغ طاقاتهم وشحناتهم السالبة على بعض، عبر الفضاء الرقمي وعلى شاشات التلفزة أمام ملايين المشاهدين!