لا أشك أبدًا في أن من أجل محاسن ومكارم وفضائل سيدي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه، على مستوانا الداخلي بالخصوص، أمره الملكي الكريم بتاريخ 24/6/1443، الموافق 27/1/2022، والذي نص على أن: «يكون يوم 22 فبراير من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم «يوم التأسيس»، ويصبح إجازة رسمية»..

هذا الأسبوع، والخميس القادم تحديدًا، يمر علينا العام الثالث على الاحتفال بهذا العيد القومي المجيد، عيد تأكيد الاعتزاز بجذورنا، وارتباطنا بقادتنا، منذ عهد المؤسس الإمام محمد بن سعود، وصمودنا أمام محاولات من ظنوا أنهم قادرون على القضاء علينا، وتفضل الله علينا وإعزازنا بالوالد الموحد، جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، وإكرامه سبحانه لنا بأبنائه الملوك من بعده، الذين ساروا على نهجه في التعزيز والوحدة..

المملكة، وحسب النظام الأساسي للحكم «دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم، ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض»، ويستمد الحكم سلطته «من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام، وجميع أنظمة الدولة»، «ويقوم الحكم على أساس العدل والشورى والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية»..

هذه نصوص محكمة وغير متشابهة، ولا تدع مجالا للتشكيك في أن الطبيعة الدينية للدولة ودستورها يؤكدان على أن الكتاب والسنة هما معًا المرجعية الأولى، ولا يمكن أن يفهم من هذه المرجعية أنها غير منفتحة على المدارس الفقهية المختلفة لأتباع المذاهب الأربعة من أهل السنة والجماعة، والمذهب الجعفري، والمذهب الزيدي، والمذهب الإباضي، والمذهب الظاهري، أو أنها غير منفتحة على الآراء والاجتهادات المشروعة لمن يمارس التصوف «الحقيقي»، وأصحاب الفكر السلفي «الصحيح»، وأصحاب العقيدة الأشعرية.

كما أنه لا يمكن أن يفهم من السيادة التامة الدولة أنها ليست جزءًا من عملية التراكم الإنسانية، وهو ما قررته مواد الباب الثالث من النظام؛ والتي تشير إلى «الطاعة لله، ولرسوله، ولأولي الأمر.. وحب الوطن، والاعتزاز به وبتاريخه المجيد.. وتعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»..

كل هذا وغيره يعضد أن دولتنا «عربية إسلامية»، وليس في النظام ومواد الدستور ما يشير إلى أنها دولة «دينية» أو«كهنوتية»، ولا يمكن حصر هويتها الإسلامية في البعد الديني، وإهمال الأبعاد الفكرية والحضارية والسلوكية المختلفة، والإصرار على استبعاد هذه الأبعاد وإقصائها أمر يفضي إلى عدم التمتع بيسر الدين وسهولته، وهو ما يتناقض مع التعددية التي هي المكون الطبيعي للمجتمع الإنساني، ومجتمعنا السعودي ليس استثناء من ذلك؛ وعيد التأسيس فرصة لنا لنهنئ بعضنا بعضًا بحلوله، وفرصة لسرد الأمجاد، وفرصة للتمتع بالتنوع الجميل الذي تحفل به بلادنا من «يوم بدينا».