تسعى الدول إلى تحسين سمعتها على الصعيد الدولي من خلال ثقافة المعارض والمؤتمرات، لأنَّها تساعدها في جذب السياحة، والاستثمار في رأس المال البشري، وزيادة الصادرات، وجذب القوى العاملة الموهوبة والمبدعة، وتعزيز تأثيرها الثقافي والسياسي على المسرح الدولي.

إنَّ إستراتيجية المشاركة في سلسلة من الأحداث والمناسبات الدولية، واستضافة وتنظيم الفعاليات والأنشطة العالمية بشكل عام، والمعارض الدولية بشكل خاص في مدننا، تمثِّل فرصة لتعزيز صورة بلادنا، إذ تعدُّ المعارض الدولية منصات اتصالية ومنابر إعلامية لترويج صورة الدولة، والتعريف بهويتها الوطنية وأفرادها ومجتمعاتها ومؤسساتها؛ كونها تسهم في تغطيات إعلامية مركزة على حدث معين خلال فترة قصيرة، وتحويل اهتمام وسائل الإعلام المختلفة نحو الثقافات والعادات والأفكار المختلفة.

يتم تعريف المعرض الناجح من خلال الطريقة التي يعرض بها قدرته على الابتكار، وكيف يروِّج لصورة جذابة من خلال عرض القوة السياسية والاقتصادية ذات الأثر البين، والإسهام في بناء وترسيخ هوية الدولة ضمن الإطار الذي يوفره هذا النوع من الأحداث. فالغرض الرئيسي من المشاركة يكمن في قدرة المعارض العالمية على إثارة الإعجاب، وإظهار الدول في مظهر يرمز للتفوق والقوة والتأثير والريادة والابتكار، والقدرة التي تتمتع بها الدولة على المستوى الدولي، إذ تسهم المشاركة في تعزيز المصلحة الوطنية، مع استخدام أدوات وإستراتيجيات الاتصال المتعددة؛ نظرًا لما تتمتع به المعارض الدولية بقوة لا تصدق في تشكيل تصورات الدول والثقافات والهويات.

احتفلنا مطلع الأسبوع الحالي في عاصمة مملكتنا الحبيبة بانطلاق الحدث العقاري العالمي الأضخم «سيتي سكيب» الذي يقام للمرة الأولى بالرياض تحت عنوان «لبناء مسكن المستقبل»، باعتباره فرصة استثنائية للأطراف العقارية الإقليمية والعالمية للقاء والتعارف والتواصل، والتعرف على أحدث التطورات والمفاهيم الرائدة في عالم العقارات، بالإضافة إلى عقد الشراكات الجديدة وجذب الاستثمارات المحلية والإقليمية والدولية، إلى جانب مناقشة مستقبل القطاع العقاري العالمي والمحلي، فضلا عن تسليط الضوء على مختلف جوانب الحياة في القرن الواحد والعشرين، بما فيها التكنولوجيا والضيافة والترفيه والعقارات والتجارة الإلكترونية والخدمات المصرفية والمالية والصحة والأمن وبيئات المباني.

بالتأكيد كلنا يعلم مدى أهمية إقامة «سيتي سكيب» في «ملهم» على اعتبار أن المعرض منصّة مهمة لإظهار تطور قطاع العقارات في المملكة والمنطقة. وبرأيي، وعطفا على إمكاناتها الضخمة، فإن المملكة تستحق وبجدارة استضافة هذا الحدث العالمي الذي يتوافق تماما مع الركائز الثلاث الرئيسة لإستراتيجية رؤية المملكة 2030، حيث سيكون خريطة طريق لإعادة رسم ملامح المشهد العقاري وآفاقه الواسعة، ونمط الحياة في المستقبل، وذلك تماشيا مع رؤية 2030 التي تركز على بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، على الوعد دوما بالإلهام والرقي والمراتب العليا والطموح الممتد المتجدد.

أصبحت المملكة اليوم وجهة لنخبة من أبرز المشاريع الطموحة وأضخمها عالميا، مما جعلها الوجهة المثالية لاستضافة مثل هذه المعارض العالمية التي تعكس مكانتها وموقعها المُؤثر وثقلها الإقليمي والدولي، بالإضافة لوجودها وحضورها المميز في مجموعة العشرين ضمن أكبر اقتصادات العالم، بعدما استطاعت خلال السنوات الماضية، ومنذ إطلاق رؤية 2030، تعزيز قوتها وتنويع اقتصادها من خلال تطوير مواردها غير النفطية، مما خفف من اعتمادها على النفط كمورد مالي رئيس، بالإضافة إلى حالة الانفتاح والتقدم والتطور التي تشهدها على جميع الأصعدة والمستويات، علاوة على امتلاكها بنية تحتية مُتكاملة من شبكة مواصلات وفنادق وخدمات مُساندة.

ولطالما كان معرض «سيتي سكيب» منصة انطلاق عشرات الآلاف من المشاريع على مدى السنوات العشرين الأخيرة، ومن هنا تتجلّى أهمية إقامة المعرض في الرياض باعتباره منصةً تُبرز أحدث المستجدات العقارية في بلادنا، وترسم ملامح مستقبلها الواعد، خاصة في ظل الكم الهائل من المشاريع الكبرى والرائدة التي تنفذ وفقا لأهداف رؤية 2030، وهو ما يضفي أهمية كبرى على المعرض.

إن إقامة مثل هذه المعارض تتيح لنا ترويج بعض الصور المختارة لتعزيز صورة بلادنا، وتقديم منتج حضاري عنها، وخلق أخبار إيجابية ومناخ إعلامي يبرز ما وصلنا إليه، وإلى ما نحن ماضون له.

وكلنا ثقة في مقدرة المنظمين على إقامة نسخة تاريخية واستثنائية من معرض «سيتي سكيب» العالمي وفقا أعلى مراتب الابتكار والإبداع والتميز، وتقديم تجربة عالمية غير مسبوقة في تاريخ تنظيم هذا المحفل العالمي، الذي نعقد عليه الآمال أيضا في تعزيز صورتنا الإيجابية أمام العالم، ومشاركته دروسنا ونتائج جهودنا وأهدافنا البنَّاءة ومُبادراتنا المُستقبلية وتطلعاتنا غير المحدودة، خاصة في قطاع العقارات، بما يتوافق مع توجهات المملكة نحو التطوير العمراني الذي يعزّز الرفاه الاجتماعي ويحقق التنمية المستدامة.

لذلك.. فلنا من «ملهم» وعد كأحد أبواب جودة حياة تليق بنا.