موجة موحّدة تمتد خيوطها من راعي الأكاديميات الإلكترونية أحمد السيد، إلى إياد القنيبي تلميذ التكفيري المتطرّف أبي محمد المقدسي، إلى السجين المغربي السابق على قضايا الإرهاب الحسن الكتاني، وتلاميذ الإخواني القرضاوي فيما يسمى (الاتحاد العالمي) من الددو، والصغير، وأمثالهما، كلهم اجتمعوا في وقت واحد، على موضوع واحد، والهدف مهاجمة السعودية! سبق وأن نبهت على أنَّ تلك الأكاديميات التي يرعاها السيد حواضن أيدلوجية للمتطرفين، وكان حينها يلمز بلسان جف ريقه رعبًا، لكنه اليوم يتحوّل إلى صيغة أوضح، موضحًا ما يريده من الأكاديميات التي يرعاها، وما الذي يوجه متابعيه إليه، ومثله من يشاركونه اليوم في الحملة، فالجميع يعلم أن (الاتحاد) الإخواني أوجب انتخاب أردوغان، إنهم يشكّلون موجة واحدة دعائية ضد الوطن، لكن لماذا اختاروا هذا التوقيت؟ فليس المذكورون سوى أرقام في أوراق اللعب على النفوذ.

تتحدّث أحدث التقارير عن إنجازات السعودية في (2022)، إذ كانت السعودية الأسرع نموًا في الاقتصاد من بين دول مجموعة العشرين، ومعدّل البطالة بين السعوديين عند أدنى مستوى تاريخي، وارتفاع مشاركة المرأة في القوى العاملة، بتضخّم منخفض، بل هو في تراجع، من يعلم هذا سيتوقع أنه لن يكون لهذه الإنجازات صدى إيجابي عند من تؤذيهم هذه الأخبار، وهم يشاهدون خط البيانات لصالح السعودية، ويرون أنَّ جهودهم التي بذلت ضدها في السابق تتبعثر، فتبدأ الصرخات على هيئة اعتراضات متنوعة، لإثبات جدية تلك الحسابات في التبعية، والعمل ضد السعودية، وأنَّها لم تقصّر في عملها المطلوب منها.

ويذكر الجميع خطباء الجمعة من جماعة الإخوان حين حوّلوا منابر الجمعة إلى صالون تعليق رياضي، وكانت تلك الخطب مسبوقة دومًا بمقالات الجارديان البريطانية التي آثرت تسمية الاستثمار السعودي في الرياضة للتنفير: بالغسيل الرياضي، ولا يهمني هنا التعرّض للجارديان، بقدر تسجيل ملاحظة ساخرة على خطب جماعة الإخوان للجمعة، إذ كانت مادتها معدّة من مقالات الجارديان في منتصف الأسبوع قبلَ إلقائهم لها وتطعيمها بنغمة دينية متكلّفة، الأمر شبيه بما نشهده اليوم من موجات جديدة، في مضمونها السعي إلى مهاجمة الاقتصاد السعودي المتسارع في الصعود.


هؤلاء الذين يهاجمون السعودية اليوم، كانوا بالأمس القريب يقدّمون تحليلاتهم وحجر زاويتها التقدّم الاقتصادي، كم مرة واجهوا أي اعتراض أخلاقي لحدث في تركيا بأنَّ أردوغان رجل حكيم جدًا، وأنه انتشل الاقتصاد التركي، وأنه يتقدّم، في وقت سعت فيه تركيا لأن تستثمر كل شيء لرفع اقتصادها ومنه السياحي بشكل خاص، وعلى هذا قدّم دعاة الإخوان التسويغ الشرعي إن لم يكن للمحافظة على الدعاية لتركيا، فللسعي لمنع كشف حقيقة ما يحدث على أرض الواقع فيها، فكانوا يقدمون الأخلاقيات قربانًا على مذبح الاقتصاد التركي، فأهم شيء عندهم أن يكون الاقتصاد يتقدّم!

هؤلاء أنفسهم هم الذين يهاجمون السعودية اليوم لا يهمهم صحة الخبر، بل يقرؤونه وفق سؤال: هل يكفي لصيغة تهاجم السعودية، هذا هو الضابط الوحيد لما ينشرونه، حتى ولو كان في الخبر أنَّ الجهات المنظمة أوقفت الأمر، أو تابعت الأمر، فهو لا يعني لهم أي شيء، لذا يقتطعونه، مصرّين على توجيه أي اتهام، بلغة -يفترض- أن يكون عفا عليها الزمن، وهي اللغة التي تؤكد مسؤوليتهم المباشرة عن الإرهاب، فلا يستطيعون أن يعبروا عن اعتراض واحد لهم دون لغة التكفير، والتخوين، كيف يمكنهم هذا والإرهاب إنما هو تطبيق عمليّ فحسب لما بثوه في أدبياتهم.

على أنَّ هذه الطريقة باتت مكشوفة بين السعوديين، والعقلاء بشكل عام، فهذا الذي يهاجم السعودية اليوم، منضمًا إلى موجة بروباغندا معادية، ما موقفه قبل هذه الموجة؟ قبل هذا الخبر الذي ينقله؟ قبل المسوغات التي يسوقها؟ هو ضد السعودية، كان ولا يزال، وسيبقى لسبب وحيد، أنَّه فاقد لقراره الشخصي، فليس الأمر موقفًا -حتى ولو كان أشدَّ المواقف تشددًا- لو كان كذلك لأمكن حجاجه، والأخذ والرد معه، لكنَّه رهن نفسه بقرار الممتعضين من أي تقدّم سعودي، ويزيد الأمر وضوحًا أنَّ هؤلاء أنفسهم إن تقارب ممولهم مع السعودية، لا يعيبون عليه شيئًا وهم الذين تعبوا في تشويه حقيقة السعودية، فيعلم موقف هؤلاء مسبقًا لا بمعيار ديني، أو أخلاقي، بل بالنظر إلى الموقف السياسي لجماعة الإخوان، وفق تحالفاتها السياسية، فهذه هي البوصلة الوحيدة لهم!