لم يعد مشهد وجود عربات تسوّق في مداخل العمارات السكنية غريبًا أو غير مألوف، فقد شاع استغلال حراس العمارات السكنية لتلك العربات التي يجلبونها من مراكز التسوق المجاورة أو حتى البعيدة قليلا، ليستخدموها في نقل أكياس قمامة العمائر إلى الحاويات، أو حتى نقل بعض أغراض ساكني العمارات من سياراتهم إلى شققهم، على الأخص شقق الطوابق العلوية في الأبنية الطابقية، دون الالتفات مطلقا إلى الضرر الذي يتسببون به عبر استيلائهم على تلك العربات للمراكز التي دفعت مقابل عرباتها، والتي يصل نسبة ما تفقده من عرباتها إلى نحو الـ40% حسب ما ذكره موظف في أحد المراكز التجارية.

انتهاز للفرص

يوضح محمد مالكي، مدير مركز تسوق بحي الصفا في جدة أن ظاهرة التعدي على عربات التسوق الخاصة بالمركز من قبل حراس العمائر باتت منتشرة بكثرة، وهي ظاهرة عامة في معظم أحياء جدة، وكذلك بقية المدن، حيث يستغل حارس العمائر وجود العربات خارج المركز بعد أن ينقل المشترون ما اشتروه من المراكز التجارية فيها إلى مركباتهم، ويتركونها في الخارج، وهذا أمر طبيعي في كافة المراكز التجارية، حيث يفترض أن تبقى تلك العربات في المواقف ريثما يأتي عمال المراكز لجمعها وإعادتها إلى داخل المركز ليتم استخدامها من جديد.


ويقول مالكي «يتحين حراس العمائر الفرص حين لا تكون عمالة المركز موجودة، فيسحبون العربات للعمائر السكنية المجاورة، ويبقونها هناك، ويستخدمونها في عمليات تحميل أغراض السكان ونقلها للطوابق العلوية، غير مراعين أن هذا يعد تعديًا على حق الغير لأنه يتم دون استئذانه».

وأشار إلى أنه «يفترض بسكان العمائر الذين يشاهدون حراس عماراتهم يستخدمون عربات المراكز التجارية دون وجه حق أن يمنعوهم من ذلك، وألا يبيحوا لهم استخدام ما يعود للغير، فلا بد من ردع هؤلاء الحراس وتوعيتهم أن ما يفعلونه يعد سلبًا وتعديًا على مال الغير».

موظفون لجمع العربات

من جهته، أوضح عادل أحمد، وهو مدير مركز تجاري أن أغلب الحراس الذين اعتادوا سرقة عربات المراكز التجارية لاستغلالها في أعمالهم الخاصة لا يجدون من يمنعهم من السكان من ذلك، وقال «حرصنا في مركزنا على تعيين عمالة في الساحات الخارجية لجمع العربات فور انتهاء الزبائن من استخدامها وإعادتها إلى المركز، وهذا قلص أو قضى على سرقتها بعدما عانينا كثيرًا من الأمر بسبب استغلال هذه العربات من حراس العمائر، وكذلك من قبل ما يعرف بـ«النباشات» اللواتي ينبشن في حاويات القمامة، وهن مخالفات يستغللن وجود هذه العربات في الخارج فيسرقنها ليحملن عليها ما يجمعنه من الحاويات ويسقنه للبيع».

عربات في الحراج

أوضح موظف يعمل لدى أحد مراكز التسوق الكبرى في جدة أن «سرقة عربات التسوق بات أمرا شائعا، وأغلب تلك العربات نجدها لدى حراس العمارات الذين يستخدمونها في رفع النفايات من الشقق وتحميل الأغراض الشخصية لقاطني العمارات».

وأوضح «تفقد المراكز نحو 40% من عربات التسوق لديها كل فترة، وهو ما دفع بعض المراكز لشراء عربات رخيصة الثمن، وتجنب العربات غالية الثمن والابتعاد عن العربات الباهظة لأنها تكون معرضة للسرقة.

ويبلغ سعر العربة المصنوعة في ألمانيا نحو 600 ريال، فيما يبلغ سعر العربة رخيصة الثمن والمصنوعة في الصين 70 ريالا تقريبا، وهذه أكثر طلبات المراكز التي باتت تلجأ إلى الخيار الثاني تجنبا للخسارة نتيجة سرقة العربات».

العربات الذكية

لجأت مراكز تجارية في بعض الدول بعدما عانت من مشاكل مماثلة إلى استخدام عربات تسوق ذكية، وهي عربات مصممة لحل هذه المشكلة، حيث تأتي محملة بشريحة، وعندما تبتعد العربة عن مركز التسوق لمسافة تتجاوز حدود المواقف الخاصة بالمركز، يتلقى المسؤول عن العربة إشعارًا من الجهاز المرفق بالعربة يحدد مكانها.

تشويه المظهر

يرى عدد من قاطني العمارات السكنية أن وجود عربات تسوق أمام مداخل وفي مواقف العمارة بات أمرا مزعجا للغاية، وهو يشوه منظر العمارة ومداخلها.

واستغرب بعض الساكنين من أن سكانا آخرين يشجعون حراس العمارات على الاستيلاء على تلك العربات، ويطلبون منهم استخدامها، وهو ما يشجع أولئك الحراس على الاستيلاء على تلك العربات واستغلالها، بدل أن يوبخوهم على فعلتهم.

جريمة تستحق العقاب

أكد المستشار القانوني عبدالله حمد أن الاعتداء على ممتلكات الغير يعد جريمة يعاقب عليها القانون مهما كان نوع هذه الممتلكات، ورتب النظام على هذا الاعتداء عقوبات لمن يرتكبها، وقد وجدت تلك العقوبات لردع الأشخاص عن ارتكاب تلك المخالفات.

وقال «الاستيلاء على عربات التسوق العائدة للمراكز التجارية يعد سرقة وهي جريمة لا بد من إثباتها بأدلة تقدم إلى الجهات المختصة، كأن يقدم المتضرر تسجيلات الكاميرات التي تثبت تلك الواقعة حتى يستطيع أخذ حقه عن طريق النظام، وفي حال ثبوتها بالأدلة، فإن للجهات المختصة محاسبة المتسبب في ذلك حيث يحال إلى المحكمة، ويعاقب حسب ما يرى ناظر القضية، حيث قد يحكم فيها على السارق إما بالسجن أو بالتوبيخ أو بالتهديد أو بدفع غرامة مالية».