حتى قبيل قدوم الصيف عادت الحرائق التي ضربت منذ فترة في مختلف أصقاع العالم لتنشط من جديد، وتتحول إلى كوارث لم تكن كلها نتيجة فعل الطبيعة وحدها، بل وكذلك كنتيجة لسلوك بشري كارثي.

هذا الأسبوع اندلعت حرائق عدة في جنوب سيبيريا الروسية طالت نحو 200 مبنى وأودت بحياة عدد من الأشخاص. وقالت مصادر رسمية في كراسنويارسك إن الحرائق أتت على أكثر من 16 منطقة وطالت نحو 200 مبنى ومناشر خشب وملاعب أطفال، وتسببت بمقتل 5 أشخاص. ووصفت السلطات الوضع بأنه «صعب» وأعلنت حالة الطوارئ في المنطقة، وقالت إن نحو 300 عنصر و90 آلية يشاركون في جهود مكافحة الحرائق. وأضافت الوزارة أن «إخماد (الحرائق) معقّد بسبب الأحوال الجوية مع رياح عنيفة تسرّع تمدد النيران وتمنع إخمادها». وتجتاح حرائق غير مسبوقة منذ سنوات سيبيريا.

في العام 2021 تسببت حرائق خصوصا في شرق سيبيريا بانبعاث 16 مليون طنّ من الكربون (رابع أكبر كمية منذ بدء قياس هذه الكميات عام 2003)، وفق ما جاء في التقرير السنوي حول المناخ الأوروبي.

خروج عن السيطرة

في أمريكا واصل الدفاع المدني الأميركي جهود العمل على احتواء حريق ضخم اشتعل منذ أكثر من شهر في ولاية نيو مكسيكو وأثار مخاوف مع اقتراب الصيف في غرب الولايات المتحدة الذي يضربه الجفاف.

أتى «حريق هرميتس» على نحو 680 كيلومترا مربعا في الطرف الجنوبي من جبال الروكي، ودمر حوالي 170 عقارا وأجبر على إخلاء ما يقرب من 16 ألف منزل، ولم يتم احتواء سوى 20 % منه حتى مطلع الأسبوع.

واندلع الحريق في 6 أبريل الماضي عندما خرجت عن السيطرة نيران أشعلتها السلطات بهدف إزالة الغطاء النباتي الزائد في منطقة خاضعة للرقابة. وحذّرت هيئة الأرصاد الجوية في عاصمة الولاية ألباكيركي من حدوث عاصفة وجفاف «ستزيد وضعنا سوءا».

موارد فيدرالية

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي عن وقوع كارثة كبرى في نيو مكسيكو، وإنفاق موارد فدرالية شملت مساعدات مالية للمتضررين. ومثل كثير من مناطق الغرب الأمريكي، تشهد نيو مكسيكو جفافا مستمرا منذ سنوات قوّض مواردها المائية وجعلها عرضة لحرائق الغابات، حيث انخفضت إمكانات الخزانات إلى مستويات خطيرة، وبلغ مخزون بحيرة ميد الأكبر في البلاد 31 %، وقد تراجع منسوب المياه فيها إلى حد تكشّف برميل متآكل يحتوي على جثة عمرها أربعة عقود في وقت سابق من الأسبوع الماضي. تتغذى بحير ميد من نهر كولورادو الذي تراجع تدفقه بنسبة 20 % خلال القرن الماضي، مدفوعا بارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، وفق تقرير لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية عام 2020. ورغم أن الحرائق جزء طبيعي من دورة المناخ وتساعد على إزالة الأشجار الميتة، إلا أن نطاقها وشدتها يتزايدان. يقول العلماء إن ارتفاع درجة حرارة المناخ الناجم بشكل رئيسي عن الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري، يغير أنماط الطقس. ويؤدي ذلك إلى إطالة فترات الجفاف في بعض المناطق وحدوث عواصف كبيرة في أماكن أخرى.

مخاوف التكرار

ومع اقتراب الصيف يتخوف كثيرون من أن يشهد العالم موجة حرائق جديدة كتلك التي اندلعت العام الماضي، قادت إلى مصرع المئات في عدد من الدول في قارات أمريكا وأوروبا وإفريقيا وآسيا، حيث شهدت الأرض حالة كارثية، وتجاوز عدد الحرائق متوسط عددها في السنوات السابقة.

وكانت خريطة القمر الصناعي لنظام معلومات الحرائق التابعة لوكالة «ناسا» الأمريكية المعروف باسم «FIRMS»، قد أكدت انتشار الحرائق في أجزاء كثيرة من العالم بسبب تأثيرات الاحتباس الحراري وتغير المناخ، وكان أقساها في تركيا واليونان، وإيطاليا والجزائر وتونس، وغرب الولايات المتحدة وفي منطقة سيبيريا الشمالية في روسيا.

الجزائر: 35 حريقا 11 منطقة أودت الحرائق بحياة العشرات من السكان ورجال الدفاع المدني.

تونس: 500 هكتار دمرت من أشجار الغابات.

روسيا: 3.4 ملايين هكتار من الغابات احترقت 3000 كلم قطعها دخان الحرائق

أمريكا: 500 ألف فدان احترقت 5000 رجل إطفاء شاركوا في إخماد الحرائق

بوليفيا: 150 ألف هكتار دمرت