سيرلانكا تعلن تخلفها عن سداد جميع ديونها الخارجية.

نائب رئيس الحكومة اللبنانية يعلن إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي، قبل أن يتم تدارك الأمر ببيانات وتوضيحات لاحقة تشير إلى أن حديثه كان عن الملاءة وليس عن الكفاءة المالية.

لكن كلا الأمرين يقرعان ناقوس خطر، ويبعثان على السؤال العريض: كيف تفلس الدول؟.

منذ ثلاثة أعوام يمر لبنان بحالة انهيار مالي، وفقدت عملته أكثر من 90%، من قيمتها، ومنعت البنوك معظم المدخرين من الوصول إلى حسابات بالعملات الصعبة، وقدرت الحكومة في وقت سابق هذا العام وجود فجوة بحوالي 70 مليار دولار في القطاع المالي.

وقدر البنك الدولي أن الاقتصاد اللبناني انكمش بنحو 60%، بين عامي 2019 و2021، ووصف الأمر بأنه أحد أسوأ الأزمات المالية في العصر الحديث.

بدورها، تعيش سريلانكا كارثة مالية وإنسانية متفاقمة مع ارتفاع التضخم إلى مستويات عالية جديدة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وبلغ مجموع ديون سيرلانكا الخارجية التي أعلنت التخلف عن سدادها 51 مليار دولار، وخيّرت الدائنين بين رسملة المدفوعات المستحقة اعتبارًا من بعد ظهر الثلاثاء، أو اختيار أن يحصلوا على أموالهم بالروبية السريلانكية.

صور الاقتراض

مثلما يقترض الأفراد كذلك تفعل الحكومات، وهو ما تفعله بموجب سندات آجلة لكن عليها أن تسدد قيمتها مع فوائدها حين يحين موعدها.

وقد يكون اقتراض الحكومة داخليًّا، فيكون الدين وطني ويسمى (سياديًّا)، وقد يكون خارجيا، بمعنى أن السندات المصدرة تقوّم بعملات أجنبية تصدرها الحكومة وتبيعها للمستثمرين الأجانب.

ومع إمكانية سيطرة الدولة على الديون الداخلية عبر زيادة الضرائب وطباعة مزيد من الأموال، فإن الديون الخارجية تستلزم السداد بالعملة الأجنبية وهذه لا تسيطر عليها الحكومة.

أسباب التخلف

ترى صحيفة «إنديا تايمز» أن عبارة إفلاس الدول غير صحيحة، ففشل دولة ما في سداد ديونها، لا يعني إفلاسها، والتخلف عن السداد يعني عجز الحكومة عن السداد وليس الدولة بأسرها.

وتخلف الدول عن السداد أمر معروف وشائع، فاليونان مثلا عجزت عن سداد 1.8 مليار دولار لـ«صندوق النقد الدولي» IMF، وسجلت إسبانيا رقمًا قياسيًّا في عدد المرات تخلفًا عن السداد بواقع 15 أزمة من بين القرنين 18 و19.

كما تخلفت جامايكا عن سداد قرض بـ7.9 مليارات دولار عام 2010.

ولتخلف الدول عن السداد أسباب كثيرة، مثل الحركة العكسية للتدفقات المالية العالمية وعدم كفاية الإيرادات لسد احتياجات الدولة، والإفراط في الإنفاق الحكومي وتراجع السياحة والفساد وغيرها.

ويضيف الأكاديمي والباحث المصري الدكتور أحمد ذكر الله أن الإفلاس السيادي يحدث بعد سنوات من الإنفاق المفرط على مشروعات غير ذات عوائد اقتصادية تفشل عوائدها في سداد الأقساط والفوائد، ومن اعتماد ميزانيات الطوارئ لتسيير الأعمال في غياب التوجهات الإستراتيجية والمرحلية للاقتصاد القومي، مع استمرار تسوية عجز الموازنة، والاعتماد على القروض الجديدة لخدمة الديون القديمة وفوائدها، ويشير ذلك إلى فساد الهيكل الإداري للدولة.

تفريق المفاهيم

يفرق الدكتور ذكر الله بين طلب دولة متعثرة عن السداد من الدائنين إعادة هيكلة مديونياتها وهو ما يطلق عليه مصطلح «التعثر»، وبين رفض الدولة سداد الديون المستحقة عليها، كليًّا أو جزئيًّا، وهو ما يطلق عليه «الإفلاس السيادي».

ويقول في مقالة له «في (التعثر) تطلب حكومة الدولة المتعثرة مد آجال استحقاق السداد، أو تطلب خفض قيمة الدين أو شطب جزء منه بالاتفاق مع الدولة الدائنة، أما في (الإفلاس) فتعلن الدولة نيتها عدم السداد كليًّا أو جزئيًّا».

وضع اليد

لا يمكن إجبار حكومة ما على سداد دينها، لكن يمكن الاستيلاء على أموالها خارج بلادها، ففي 22012 تعثرت الأرجنتين عن السداد فتم الاستيلاء على سفينة تدريب بحري تابعة لها.

كما يمكن اللجوء لإعادة التفاوض بشأن شروط القروض، وإعادة جدولة السندات الحكومية بالدفع المؤجل وأحيانًا شطبها، أي تخفيضها في المحصلة، كأن يتم سداد نصفها أو ثلثها فقط.

النتائج

يقود تخلف الحكومات عن سداد ديونها الخارجية إلى ارتفاع معدلات التضخم والبطالة والضغط السياسي على الحكومة، كما يمكن أن تلغي الحكومة المعنية الديون المستحقة للدائنين الأجانب من القطاع الخاص.

ومع فقدان الثقة، عادة ما تشهد الدول المتخلفة تدافعًا لسحب الأموال من البنوك، وهذا ما يدفع الحكومات لاتخاذ خطوات على ذلك السحب مثل الحد من مقدار الأموال المسحوبة، لتجنب انهيار القطاع المالي وتضاؤل السيولة، فمثلًا أغلقت اليونان بنوكها 20 يومًا عام 2015، وقيدت التحويلات للبنوك الأجنبية، وحججت سقف السحب النقدي اليومي بـ50 يورو.

ويقود التخلف عن السداد كذلك إلى عجز أو تقليص القدرة على الوصول إلى سوق الائتمان، أو فرض فوائدة جديدة ومرتفعة على الديون من الأجانب أو رفض منح هذه الديون.

وفي المحصلة، سينخفض التصنيف لتصنيفها الائتماني للدولة المتعثرة لدى وكالات التصنيف المتخصصة، ما يعني عجزها عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية والودائع المصرفية.

-50 % من دول أوروبا أعلنت إفلاسها خلال القرنين الماضيين

- 40 %من دول أفريقيا

-30 % من دول آسيا

أهم الدول الكبرى التي تعرضت للإفلاس خلال 250 سنة

ألمانيا

8 مرات

أمريكا

5 مرات

الصين وبريطانيا

4 مرات

اليابان

مرتين

قائمة أكثر الدول وقوعًا في الإفلاس

10 مرات

الإكوادور

9 مرات

البرازيل

المكسيك

أوروجواي

تشيلي

كوستاريكا

إسبانيا

روسيا

مرات أقل

الأرجنتين

اليونان

جامايكا