أكدت جائحة كورونا التي تفشت في العالم قيمة البحث العلمي كأهم أدوات التنمية والتطوير والابتكار، الأمر الذي وضعه على رأس أولويات دول العالم لتأثيره البالغ على حياة الناس، وتطوير سبل رفاهيتهم ومعيشتهم على كافة مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية.

ولم تكن المملكة استثناء بالنسبة لدول العالم، فقد اهتمت بشكل كبير بكافة جوانب البحث العلمي والتطوير والابتكار على مدار عقود ماضية، كما جاءت رؤية 2030 لتؤكد أهمية هذا البحث كمعزز للحضور والتقدم السعودي في كافة المجالات، مع التركيز على تحويل المنتجات العلمية إلى قوة اقتصادية ومعرفية، لكن اللافت، وربما الاستثنائي أن 90% من الناتج البحثي العلمي الوطني يصدر من الجامعات السعودية الحكومية عكس الحال في البلدان المصنعة الأخرى، حيث يشاهد هناك بحث علمي منافس خارج أسوار الجامعات، ينتج على الأخص في مراكز البحث والابتكار التي تكون عادة تابعة لشركات ذات كيانات كبيرة.

ولعل موافقة مجلس الوزراء السعودي على إنشاء هيئة تُعنى بتنمية البحث والتطوير والابتكار، تعد خطوة على المسار الصحيح للارتقاء بمجالات البحث العلمي والتطوير والابتكار في العلوم المختلفة، وخطوة على طريق وضع المملكة من بين أفضل 10 دول في مؤشر التنافسية العالمية بحلول 2030، متقدمة من المرتبة 25 في عام 2015، إضافة إلى تعزيز هدف تصنيف ما لا يقل عن 5 جامعات سعوديّة ضمن أفضل 200 جامعة في التصنيف العالمي بحلول 2030، ما يتطلب تحقيق إجراء أبحاث عالية الجودة في جامعات المملكة.


مشاريع تحولية

وفقا لتقرير وكالة البحث والابتكار في وزارة التعليم، تحتفظ «الوطن» بنسخة منه، يأتي 10% فقط من الناتج البحث الوطني من الجامعات والكليات الأهلية والخاصة، وقد استدعت نتائج التحليل الأولية للناتج البحثي المحلي، مزيدا من الفحص والتأمل مصحوباً بالدراسات التقييمية، ودراسات المقارنة، والتعرف على أفضل الممارسات العالمية الناجحة.

وشرعت وزارة التعليم بمشاريع تحولية، تستهدف إعادة بناء هويات الجامعات البحثية، حيث قامت فرق الوزارة بدراسات معمقة لحالة البحث العلمي ومراكز التميز والابتكار في الجامعات، لتتعرف ابتداءً على القدرات البشرية المتوفرة في تلك الجامعات، والبُنى التحتية التي يمكن استثمارها لاحقا في ترسيخ تلك الهويات التي سيتم بناؤها والوصول إليها.

وتمت الاستعانة بخبراء متخصصين في بناء إستراتيجيات التعليم والجامعات ومنظومات البحث والابتكار، بهدف إعادة بناء إستراتيجيات الجامعات البحثية، ومشاريعها الابتكارية، بما يخدم الجانب التطبيقي، والاحتياج الوطني، ويضمن الأثر الاقتصادي والتشغيلي لنواتج البحوث والابتكارات.

الأولى عربيا

وفقا للتقرير، حصلت البحوث السعودية على المرتبة الأولى عربيا، والمرتبة 14 عالميا فيما يتعلق بالنشر العلمي العالمي المميز بوباء كورونا (كوفيد_19).

وصعد مؤشر النشر من 18 ألف بحث علمي منشور (كمستهدف) إلى 33 ألف بحث علمي منشور (كمتحقق) بحسب مؤشرات النشر العالمية.. واستطاعت الجامعات السعودية التقدم بمؤشر ريادة الأعمال ضمن المرصد العالمي لريادة أعمال التعليم الجامعي (GEM) من المرتبة 42 إلى المرتبة 23.

وأصبحت المملكة الأولى عربيا، و22 عالميا في براءات الاختراع، كما حصلت المملكة على المرتبة الأولى عربيا، والمركز 29 عالميا في حصة وجودة الأبحاث العلمية وفق مؤشر العلوم الطبيعية للعام 2021 (Nature Index 2021).

وبحسب التقرير قامت وزارة التعليم ممثلة بوكالة البحث والابتكار بإصلاحات جوهرية لمنظومة البحث والابتكار في الجامعات، كان أهمها استحداث نظام تمويل مؤسسي للمشاريع البحثية للجامعات يقوم على عدد من المرتكزات الأساسية والتي من أهمها أن يتم تمويل المشاريع البحثية في الجامعات مؤسسيا وفق اتفاقيات أداء يتم إبرامها بين الوزارة والجامعات، ولا يتم التمويل فرديا، ولكي يتم العمل بهذا المبدأ المرتكز الأول، تم حصر الأولويات الوطنية في استبيانات رسمية موسعة شملت جميع قطاعات الدولة العامة والخاصة، وتم تحديدها بـ12 أولوية وطنية للبحث والابتكار، وحينها أعادت الجامعات بناء إستراتيجياتها البحثية بما يلبي تلك الاحتياجات الوطنية، ويدفع مسيرة التنمية في شتى صنوف المجالات الحيوية.

9 مبادرات

بيّن التقرير إطلاق وزارة التعليم 9 مبادرات كان من أهمها مبادرة التمويل المؤسسي الذي يعتمد على قيام وكالة البحث والابتكار بتقديم تمويل للجامعات يركز على أولويات وهوية الجامعة البحثية، بشرط أن يتوافق ذلك مع الأولويات الوطنية والفرص المناطقية، ومبادرة التعاون الدولي – (منحة التحديات الكبرى- منحة القدرات البحثية) التي تهدف إلى رفع كفاءة البحث العلمي والتطوير المشترك بين الباحثين المحليين والدوليين من خلال فتح المنافسة للتقديم على طلبات المنح البحثية الخاصة ببرنامج التعاون الدولي في البحث العلمي والتطوير بحيث تكون الأولوية في مجالات العلوم والتقنية التي تم تحديدها في المؤتمر، وعلى أن تكون الأبحاث متماشية مع رؤية 2030 والبرامج التنفيذية لها، ومبادرة البحوث الاجتماعية الموجهة التي تعالج القضايا ذات الأولويات الوطنية، ومبادرة دعم مشاريع التجهيزات والبنية البحثية، ومبادرة مشروع تطوير الدراسات في مجال العلوم الاجتماعية والدراسات الإنسانية، ومبادرة دعم النشر العلمي عالي الجودة والتأثير، ومبادرة دعم مرحلة الزمالة ما بعد الدكتوراه، ومبادرة الجامعة الريادية، ومبادرة تنمية القدرات الريادية وذلك لتطوير وتنمية قدرات الرياديين الذين تنقصهم بعض القدرات المهارية والعلمية والمعرفية في ريادة الأعمال.

مواكبة التطور

أبرمت الوكالة اتفاقية تعاون وشراكة إستراتيجية مع الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (سدايا) إيماناً بالتكامل البحثي والابتكاري المتكامل لمواكبة التطور المتسارع في إطار الجهود لتعزيز الأمن السيبراني من الجانب المشترك وفقاً للأطر والسياسات التشريعية والتنظيمية، ومشاركة وتبادل التحديات والخبرات وفق أفضل الممارسات لزيادة تعزيز قدرات الأمن السيبراني على المستوى الوطني والعالمي، كما عقدت اتفاقية تعاون مشترك مع الشركة السعودية للاستثمار الجريء والتي ستساهم في استثمار أكثر من ملياري ريال في هذا المجال، وذلك لنشر ثقافة ريادة الأعمال وإيجاد البيئة المناسبة في تحفيز منظومة الاستثمار الجريء في المملكة عن طريق الاستثمار في الصناديق الاستثمارية، والاستثمار بالمشاركة مع مجموعات المستثمرين الملائكيين في الشركات الناشئة ذات إمكانية النمو السريع والكبير.

المنصات البحثية

عملت وكالة البحث والابتكار بوزارة التعليم على بناء مجموعة من المنصات البحثية التي تساهم في رفع كفاءة وأداء منظومة البحث والابتكار في الجامعات السعودية وربطها مع الجهات الوطنية والصناعية، إضافة إلى أنظمة ومنصات تساعد في دعم تحول الجامعات إلى جامعة ريادية وابتكارية حيث كانت من ضمن أهم هذه المنصات «منصة التبادل المعرفي» وذلك لتمكين القطاعات الوطنية من عرض احتياجاتهم البحثية لتتقدم الجامعات بطلب التعاون لإيجاد حلول لها مما يساهم في بناء منصة موحدة تكون قاعدة تنطلق منها جميع المشاريع البحثية والابتكارية التي تخدم هذه الاحتياجات.

ومن أجل أن تكون هناك منصة تفاعلية للكراسي البحثية وجودتها، أطلقت الوكالة «منصة الكراسي البحثية»، وذلك لحصر وعرض حالة الكراسي البحثية في الجامعات وإظهار التحاليل والإحصائيات المتعلقة بها.

وتحقيقاً للرؤية الإستراتيجية للتعريف بالجامعات الريادية ومعرفة حالة متطلبات الجامعات الريادية بإطلاق «منصة حلول»، وذلك من أجل قياس مراحل التقدم والإنجاز تجاه هذا المشروع الذي يضع معايير واضحة ستساهم بدورها في إيجاد الحلول المعيارية للوصول للغاية.

ولتشجيع وتحفيز وتوحيد الجهود ودعم المبدعين والباحثين والمبتكرين أطلقت الوكالة منصة «جوائز البحث والابتكار»، وذلك للأتمتة في إجراءات وعمليات الطرح لجوائز البحث والتعريف بمتطلبات التقديم وآليات التقييم والجوائز للفائزين تحت منصة واحدة تسهل على الراغبين الدخول في منافسات إيجاد المنصة الموحدة في دعم الجهود التي ترعى كل المشاريع البحثية والابتكارية.

وتطلق الوكالة منصة «الجامعات الريادية»، وذلك للتعريف بالجامعات الريادية ومتطلبات التحول لجامعة ريادية والمنهجية القياسية المتبعة في ذلك، ولنشر ثقافة العمل الريادي تقوم الوكالة بإطلاق «منصة أسس» وهي منصة تحتوي على دورات متخصصة وتأسيسية إلكترونية في مجال الابتكار وريادة الأعمال ضمن محتوى رقمي متنوع الوسائط (صور ومقاطع مرئية، ورسوم إيضاحية، ومواد تفاعلية) مكونة من عدد من المستويات التدريبية.

ريادة المملكة

احتلت المملكة الريادة في جودة البحث العلمي بحسب مؤشر نيتشر، حيث أسهمت المملكة بـ64% من إجمالي حصة البحث العلمي في العالم العربي، كما جاءت المملكة في الترتيب 29 عالمياً لأكثر الدول حصة في البحث العلمي، كما حافظت المملكة على مركزها الأول عالميا كأكبر مساهم في حصة البحث العلمي بين الدول العربية، وثاني أعلى مساهم في كل من دول غرب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.

الأولويات الوطنية

ترتكز الأولويات الوطنية في البحث والابتكار بناء على احتياجات المملكة الإستراتيجية بالشراكة مع الجهات الوطنية والصناعية وبرامج رؤية 2030 وتم تحديد لأول مرة 12 أولوية إستراتيجية للبحث والابتكار في المملكة من خلال خطوات تحديد الأولويات الوطنية للبحث والابتكار لأكثر من 20 جهة وطنية وقطاعا خاصا سواء من ورش العمل واللقاءات وجمع وتحليل البيانات والدراسات المعيارية، ويقف على طليعتها 12 أولوية وطنية للبحث والابتكار تتمثل في إنتاج وإدارة المياه والطاقة المتجددة والدفاع والأمن والفضاء والحج والعمرة والإنشاء والتعمير والنقل والخدمات اللوجستية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وتقنية المعلومات والاتصالات والصحة العامة والاستدامة البيئية والزراعة والتعدين والنفط والغاز والبتروكيماويات والتكرير وأكثر من 50 مجالا بحثيا متخصصا وفرعيا مندرج تحت هذه الأولويات الوطنية.

الأولويات الوطنية للبحث العملي

ـ إنتاج وإدارة المياه والطاقة المتجددة

ـ الدفاع والأمن والفضاء

ـ الحج والعمرة

ـ الإنشاء والتعمير

ـ النقل والخدمات اللوجستية

ـ التنمية الاجتماعية والاقتصادية

ـ تقنية المعلومات والاتصالات

ـ الصحة العامة والاستدامة البيئية والزراعة

ـ التعدين والنفط والغاز والبتروكيماويات والتكرير

ـ أكثر من 50 مجالا بحثيا متخصصا وفرعيا مندرجا تحت هذه الأولويات

منصات بحثية لرفع كفاءة البحث والابتكار في الجامعات السعودية

ـ التبادل المعرفي

ـ الكراسي البحثية

ـ حلول

ـ جوائز البحث والابتكار

ـ الجامعات الريادية

ـ أسس

أرقام سعودية واعدة

90 % من الناتج الوطني للأبحاث يأتي من الجامعات الحكومية

33588 بحثاً نشرتها الجامعات الحكومية في 2020

6 مليارات ريال ميزانية البحث العلمي بين 2017 و2020

15 جامعة حققت إنجازاً وفق تصنيف تايمز في نسخته لعام 2022

5 جامعات دخلت تصنيف تايمز لأول مرة

6 جامعات ضمن تصنيف شنغهاي

14 جامعة ضمن تصنيف كيو إس (14)

30 جامعة حكومية

12 جامعة أهلية

13 كلية حكومية وخاصة وأهلية

7 كليات عسكرية