مما لا شك فيه أن ظروف الحجر التي مررنا بها جميعا فرضت على جميع المؤسسات العامة والخاصة البحث عن حلول لمواجهة هذه التحديات بما يضمن استمرار الخدمات والتخفيف من الأضرار الجانبية. وكان التعليم هو أحد المؤسسات التي كان عليها مواجهة تحديات الإغلاق فبدأ في مرحلة التعليم عن بعد وهي تجربة فريدة بما فيها من صعوبات كضعف البنية التحتية في بعض المواقع إلا أنه ومع مرور الوقت تأقلم الطلاب والمعلمون مع هذا التغيير وكانت مرحلة انفصال كلي عن التعليم الحضوري وهي مرحلة تسببت في بداياتها في تأخر إطلاق المرحلة التعليمية حتى أصبح لزامًا البحث عن حلول بديلة لاستكمال الخطط التعليمية في ظل تعذر التعليم الحضوري. لقد كانت مهمة التعليم كما هو حال بقية المؤسسات التفكير في طرق جديدة لاستمرار عملية التعليم مع الحفاظ على جودة المخرجات.

العملية التعليمية واجهت تحديا كبيرا في كسر عاداتها الروتينية ترتب عليها أن يقضي المعلمون والطلاب وقتا طويلا أمام شاشات الحاسوب وجعلتهم يفكرون هل كانت البدائل أكثر جاذبية وسهولة أم أن النظام التقليدي لا يزال هو الأفضل. ومع عودة التعليم الحضوري حاليا وجدنا البعض لا يزال عالقا بين الماضي والحاضر، وأصبح البعض يواجه تحديا في التأقلم مع أسلوب التعليم الجديد لا سيما وبعض المجمعات التعليمية ما زالت تمارس نوعا من الدمج بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد. المرحلة التعليمية مرت بثلاث مراحل كانت أولها الانفصال والابتعاد عن المدرسة والجامعة وهي ظروف كفيلة للطالب والمعلم أن يغير أولوياته وأسلوب حياته ليصبح أكثر ميلًا للجلوس بالبيت وقضاء وقت طويل أمام الأجهزة الذكية. ورغم أن التعليم الحضوري كان لعقود طويلة إلا أن عملية انقطاع العادة الحضورية تم التأقلم معها بشكل سريع وأصبحت خيارًا مفضلًا لدي الكثير، وكما هو معروف فإن عملية الانفصال والبعد هي أحد أهم عوامل التغيير.

ثم كانت المرحلة الثانية وهي مرحلة التعلم الشخصي فالتعليم عن بعد قلص إمكانية مقابلة المعلمين والاستفسار منهم وتبادل الآراء مع الزملاء، فاستغنى الكثير من المعلمين والطلاب عن الطرق التقليدية للتعليم وتخلوا عن كثير من الأمور التي كانت تفرض الالتزام، وأتاحت لهم القدرة على إيجاد طرق في البحث عن الدورات التعليمية عن بعد والبحث عن المعلومة على المواقع الإلكترونية ومشاركة تجارب ومخاوف ونجاحات الآخرين، ولهذا يمكن القول إن التعليم عن بعد قد حرر طريقة تفكير العقول وجعل الطلاب أكثر قدرة على معرفة أنفسهم واكتساب الخبرات والمهارات بعد أن كانوا معتمدين على طرق التلقين.


ثم كانت المرحلة الثالثة وهي مرحلة الاندماج في التعليم الحضوري من جديد، وهي مرحلة تردد وخوف وقلق لا سيما في المراحل المبكرة وزاد الأمر إرباكا، عملية الدمج بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد بمعايير غير واضحة ودقيقة، وقد تسببت هذه الخطوة في إرباك للمعلمين والطلاب ولكن ربما كان تأثيرها أقل على أصحاب القرار بالتعليم والذين لا يمارسون العملية التعليمية.

وأخيرًا التعليم أمام تحد كبير حال استمراره في خلق (بيئة تعليمية هجينة) والتي تحتاج إلى التخطيط السليم والقرار السليم ليكون فيها الطالب والمعلم أولا.