الدبلوماسية هي تلك الأنشطة التي تبذلها دولة ما لكسب الرأي العام الخارجي وصنع التحالفات التي تنعكس على مصلحة البلد من خلال استخدام كافة الإمكانات والعلاقات والاتصالات. وحيث إن العمل الدبلوماسي يرتكز بشكل كبير على مجموعة من المبادئ والقيم التي تجعل الوطن ومصالحه أولا فقد زادت الحاجة في العصر الحديث إلى الدبلوماسية الناعمة، والتي استطاعت تحقيق الكثير من المكاسب لبعض البلدان وأخفقت في البعض الآخر. ولعل أسباب الإخفاق ترتبط بشكل كبير بالأشخاص الذين يقومون بالعمل الدبلوماسي ومدى قدرتهم على إتمام المهام بشكل احترافي. وقد تتسبب بعض الحماقات الدبلوماسية في خسارة البلدان للكثير من الفوائد والمصالح. إن العمل الدبلوماسي المحترف يحتم الاستخدام الأمثل للعقائد والثقافات لاسيما عندما يكون المجتمع متعددًا في ثقافاته وعقائده ومذاهبه. إن العمل الدبلوماسي يسخر كل الإمكانات لتحقيق الأهداف الوطنية الداخلية والخارجية وتوجيه الفكر العام نحو كسب التأييد والدعم لمواقف الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمساهمة بشكل فاعل في حماية أمنها الوطني والحفاظ على مكتسباتها. ولدينا للأسف في العالم العربي نماذج بائسة تسعى إلى تجاهل أهمية العمل الدبلوماسي فكانت النتائج مخيبة لآمال المواطن، والذي يدفع الثمن غاليًا بسبب الدبلوماسية الخرقاء.

العمل الدبلوماسي المحترف يتجنب زلات اللسان، تلك الزلات التي قد تكلف الكثير، تلك الزلة التي ظهرت في حديث وزير خارجية لبنان عندما تحدث بكلمات بذيئة لا تمت للعمل الدبلوماسي بصلة، بل وتعكس واقع اختيار الكفاءات غير المناسبة لشغل مناصب مهمة في الدولة اللبنانية الحالية. وحيث إن معايير الاختيار هي الطائفية والولاء للحزب والفقيه فإن خسارة لبنان لمحيطه الثقافي والاجتماعي والعربي هو أمر حتمي.

وفي الوقت الذي يعيش الشعب اللبناني وضعًا بائسًا وبينما الكل ينتظر انفراجة لهذه الظروف القاسية من خلال نجاحات دبلوماسية تعود بلبنان إلى حاضنته العربية والإسلامية وتخرجه من جب الضياع والتيه وتنتشله من تلك الكبوة الكبيرة لاسيما بعد فضائح تجارة المخدرات وانفجارات الميناء، إلا أن وزير الخارجية شربل أبى إلا أن يؤكد أن هدف الحكومة الحالي هو الاستمرار في عزل لبنان والتمادي في معاناة الشعب اللبناني والتضحية بتراب الوطن من أجل مستعمر خارجي وأحزاب عميلة بالداخل.


ولعلنا نتعجب من صبر الشعب اللبناني وسكوته على هذا العبث الدبلوماسي والسياسي لاسيما وجميع أطياف لبنان تعلم الدور الرائد والعظيم لدول الخليج بشكل عام وللمملكة العربية السعودية بشكل خاص فيما تحقق من ازدهار وتنمية للبنان.

الدبلوماسية الحقيقية تتطلب من لبنان أن ينزع العمامة السوداء وأن يتخلص من أحزاب رمان المخدرات وأن تتكالب الجهود الدبلوماسية لإنقاذ الاقتصاد المتهالك. إن لبنان الأرض والتاريخ ما زال يملك رجالا أوفياء يعرفون أن لبنان بحاجة ماسة إلى عمقه الاستراتيجي العربي وليس من خلال الاستسلام لمجموعة من العملاء. إن شعب لبنان قادر على التصدي لهؤلاء المتسلقين فهو يعلم يقينا أن لا رهان على الخاسرين، وأن لا نجاة مع الوضع السياسي والدبلوماسي المتردي للحكومة حاليا.