دخلت أوبر للسوق السعودي في عام 2014 كمنافس لشركة «كريم»، وخلال الأعوام الماضية حاولت الاستحواذ على أكبر حصة من السوق، مستغلة اسمها وعلامتها التجارية الشهيرة في عالم تطبيقات الأجرة الحديثة، إلا أن عدم انتشارها في 24 مدينة سعودية وعدم فهمها لطبيعة المجتمع الذي بدأت بالتعامل معه أثر كثيرا على تأثيرها داخل السوق، بعكس كريم التي نجحت في التسويق والوصول إلى فهم احتياجات السوق بحكم قربها من واقع واحتياجات المجتمع السعودي.
وعلى الرغم من كل تلك التأثيرات إلا أن المنافسة كانت مستمرة وقوية بين كريم وأوبر، ولكن دق جرس الإنذار والخطر في عام 2017 عندما أعلنت شركة ديدي الصينية استعدادها للدخول إلى السوق السعودي عبر شراكة إستراتيجية مع كريم، وكما هو استعداد للدخول إلى السوق السعودي لفتح مزيد من قنوات استثمارها في مجال أجرة السيارات، إلا أن ذلك في الحقيقة شكل إعلانا لمعركة جديدة بين ديدي ضد شركة أوبر الأميركية داخل السوق السعودي، وكان هناك خيار واحد أمام أوبر في هذه المعركة أن تنجح أو ستخسر كما خسرتها على أرض الصين؟ إذ خرجت منها مضطرة ببيع حصتها في السوق الصيني لمصلحة شركة ديدي والخروج بخفي حنين، بعد أن واجهتها ديدي بسياسة «تكسير العظام»، إذ كانت تؤجر السيارات بأقل من التكلفة، وتتحمل الخسائر من أجل الضغط على أوبر، لبيع حصتها في السوق الصيني، ونجحت خلال فترة قياسية في أن تكبد أوبر خسائر قدرها مليار دولار سنويا، غطتها أوبر من أرباحها في الأسواق الأخرى، مما جعلها تعلن انسحابها من السوق الصيني والبحث عن أسواق أخرى، منها السوق السعودي الذي ما إن دخلت إليه منافسا شرسا لشركة كريم حتى لحقت بها ديدي، في محاولة لنقل المعركة إلى داخل السوق السعودي.
وكان نذير شؤم على إدارة شركة أوبر التي تعلم جيدا سياسة شركة «ديدي» الصينية الصلبة في المنافسة، لذلك أعتقد أنها استفادت من تجربتها في الصين، وعرفت وأيقنت بأنه إذا لم تنجح في الاستحواذ على شركة كريم فإنها لن تكسب الرهان داخل السوق السعودي أو منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما دفعها للمفاوضات مع كريم للاستحواذ على الشركة، ونجحت في هذه المفاوضات بعد أن توصّلت مع كريم إلى اتفاقية تستحوذ بموجبها أوبر على شركة كريم مقابل 3.1 مليارات دولار أميركي تتكون من 1.7 مليار دولار أميركي من سندات القرض القابلة للتحويل و1.4 مليار دولار نقدا. وتعدّ أكبر صفقة حتى الآن في تاريخ الشرق الأوسط في مجال التكنولوجيا.
الشركة الصينية نجحت على أرضها في كسب المنافسة مع أوبر وأجبرتها على بيع حصتها في السوق الصيني والانسحاب.. استفادت أوبر من تجربتها في الصين بالنجاح في الشرق الأوسط واختارت الطريق الصحيح لأن تكسب السوق وتعزز قوتها وعلامتها في المنطقة، وفي السعودية بالذات.
كنت أراقب منافسة أوبر مع كريم منذ دخول شركة ديدي الصينية كمستثمر مع شركة كريم، كنت أعتقد أن شركة ديدي ستدعم شركة كريم لإقصاء شركة أوبر من السوق، ولكن حدث العكس تماما، نجحت أوبر في الاستحواذ على «كريم» ودمجها تحت مظلة استثماراتها بعد مفاوضات أعتقد أنها لم تكن سلسة وسهلة، خاصة مع وجود شركة ديدي الصينية التي أعتقد أنها لم تسمح أن تتم هذه الصفقة بسهولة.