عبدالرحمن المطرودي

من المؤسف أنَّنا نتَّبع سنة نبيِّنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- ونجد البعض يتعامل مع الآخرين وكأنَّه من ملك الأرض وسوَّى طوله مع طول الجبال.

الكبر والغرور أسوأ صفةً يتَّصف بها الإنسان وله مدلول على النَّقص في شخصيَّة الشَّخص، وللأسف أنَّ هذا الأمر منتشر حتَّى عند الأقارب، فمن يملك المال والجاه يظنُّ أنَّ فوق رأسه تاج لا يمكن لأحد أن يعتليه.

ويتعامل مع الآخرين بكلِّ غرور مغترًّا بالمال الَّذي بين يديه، ونسي ذلك المسكين أنَّ من أعطاه ذلك المال والجاه من الممكن أن يزول في لمَّح البصر.

لا يحقُّ لأحدَّا في هذه البسيطة أن يتكبَّر بشيء حتَّى لو بلغ من العلم والجاه مبلغًا لم يسبقه أحد، فواللَّه إنَّ اللَّه من أعطى فشكره على نعمته وتواضع.

التَّواضع دليل على سموِّ الشَّخص وعلوّه وقوَّة ثقته في نفسه، والكبر عكس ذلك تمامًا.

فالتَّواضع من أعظم الصِّفات الَّتي تعكس نبل الإنسان ورقيِّه، بينما الغرور والتَّكبُّر لا يدلَّان إلَّا على ضعف داخليّ ونقص يحاول صاحبه تعويضه بالمظاهر.

من المؤسف أنَّ بعض النَّاس ينسون أنَّ الدُّنيا دوَّارة، وما يملكونه اليوم قد يزول غدًا، فلا يبقى لهم إلَّا أخلاقهم وسيرتهم بين النَّاس.

الإسلام دعانا دائمًا إلى التَّواضع، والنَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان أعظم قدوةً في ذلك، رغم أنَّه كان أشرف الخلق وأعظمهم مكانةً، لكنَّه عاش بسيطًا، قريبًا من النَّاس، ولم يرفع نفسه عليهم يومًا. فمن كان يريد حقًّا الاقتداء به، فليبدأ بالتَّواضع، لأنَّه زينة الإنسان الحقيقيَّة.

إشارة إلى الحديث القدسيِّ الَّذي قال فيه اللَّه سبحانه وتعالى:

«الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النَّار». (رواه مسلم وأبو داود ) .

هذا الحديث يوضِّح أنَّ الكبر والعظمة من صفات اللَّه وحده، ولا يحقُّ لأيِّ إنسان أن يتَّصف بهما، لأنَّ التَّكبُّر صفةً مذمومةً تدلُّ على ضعف الشَّخص، بينما التَّواضع من سمات العظماء.

فمن اغترَّ بماله أو منصبه أو علمه، فقد وقع في خطر عظيم، لأنَّ هذه الأمور زائلةً، ولا يبقى إلَّا العمل الصَّالح والخلق الحسن. رزقنا اللَّه وإيَّاكم حسن الخلق.