هذا التوجيه السامي ليس بالأمر المستغرب على قيادة جعلت من العفو والإصلاح نهجًا ثابتًا، إدراكًا منها بأن الوطن يسع الجميع، وأن العودة إلى الصواب خير من التمادي في الخطأ.
لقد قدمت الحكومة السعودية من خلال هذه المبادرة فرصة ذهبية لكل من وقع في فخ التضليل، ومن وجد نفسه بعيدًا عن وطنه نتيجة أفكار زائفة أو وعود كاذبة لم تتحقق ويعيش حياة التشرد والذل.
الوطن لم يغلق أبوابه أمام أحد، بل يفتح ذراعيه لأبنائه، ليعودوا إلى أحضان أهلهم وذويهم بعد سنوات من الغربة والضياع. وبدلًا من أن يكونوا أدوات في أيدي من يسعون للإضرار بالبلاد، يمكنهم اليوم أن يكونوا جزءًا من نهضتها وبنائها.
إن قرار العفو هذا ليس مجرد موقف سياسي، بل هو رسالة إنسانية عميقة تعكس رؤية القيادة السعودية في التعامل مع الأخطاء بأسلوب قائم على الإصلاح وليس العقاب، على الاحتواء وليس الإقصاء. فالدولة تدرك أن البعض ربما يكون قد وقع ضحية تضليل إعلامي، أو استُغل من جهات معادية للوطن، لكنها تمنحه اليوم فرصة لمراجعة موقفه، والعودة إلى طريق الصواب دون خوف من العقاب.
الذين يعيشون في الخارج بعيدًا عن أهلهم وأحبتهم يعرفون تمامًا معنى الغربة وحياة التشرد، وكم هو مؤلم أن يكون الإنسان غريبًا عن وطنه وأسرته، يعيش في دوامة من الضياع، يخشى المستقبل ويجهل مصيره. الآن لم يعد هناك مبرر للاستمرار في هذا الطريق. فالدعوة مفتوحة، والدولة ترحب بكل من يريد العودة، وتؤكد لهم أنهم ليسوا وحدهم، بل هناك من ينتظرهم ويرحب بهم، شرط أن يكونوا صادقين في نواياهم، راغبين في العودة إلى جادة الصواب، والاندماج من جديد في مجتمعهم.
لا شك أن لهذه الهدية ولهذا القرار انعكاسات إيجابية، ليس فقط على من سيعودون، بل على المجتمع ككل. فهو يعزز التلاحم الوطني، ويبعث برسالة قوية مفادها أن الوطن لا يتخلى عن أبنائه، بل يمنحهم الفرصة للعودة والمشاركة في مسيرته. كما أنه يقطع الطريق أمام من يستغلون هؤلاء الأفراد، ويوظفونهم لتحقيق أهداف تخريبية لا تخدم إلا أعداء الوطن.
الرقم (990) أتيح لكل من يرغب في العودة، وهي فرصة لا تعوض، فمن تأخر فليبادر، ومن تردد فليحسم أمره، فالحياة لا تنتظر أحدًا، والفرص لا تأتي مرتين.
العودة إلى الوطن إلى الأمان والاستقرار، هي الخيار الصحيح، وأفضل بكثير من البقاء في المجهول. الوطن لا يحمل الضغينة ولا يسعى للانتقام، بل يفتح أبوابه ليقول للجميع «عودوا فالوطن ينتظركم».