محمد لويفي الجهني

عادة ومع دخول شهر رمضان المبارك أذهب إلى حارتنا الأولى في البلدة القديمة ـ حيث عبق الماضي الجميل، زمان الطيبين وأسواقهم ومساكنهم وعاداتهم وتقاليدهم والتي شكلت ثقافتهم وعززت وجسدت ترابط الأهالي بروحانية وإنسانية اجتماعية شاملة ،بالموقع الجميل وبصفات الكرم الفياض والحب والود والتعاطف في ما بينهم، وكأنهم أسرة واحدة ، متجاورين بأبواب مفتوحة في البنايات الطينية المتقاربة والباقية كشاهد تراثي محبوب لسيرتهم الحسنة وقلوبهم الطيبة، وتعاملهم الراقي، بأخلاقهم المجبولة في نفوسهم دون تكلف. لذلك لا يزال أثرهم باقيا كشاهد، وجذب سياحي لموقع يحاكي عبق التاريخ بذكريات رمضان زمان.

وفي زيارتي للحارة العتيقة في أملج، مررت بجانب المنزل الذي عشت فيه النشأة الأولى أيام الطفولة، عندها جاشت واختلطت في نفسي أحلام اليقظة والمشاعر، بين الفرح وذكريات لشجون الماضي الجميل، فذهبت إلى الموقع مباشرة وقبلت ذا الجدار وذا الجدار، وتحديدا ذاك الجدار، فهنا درسنا وتعلمنا قرأ وكتب، وهناك وفي ذاك الزقاق تحديدا، وعلى تلك الدكة نقشنا على الجدار حرف الحاء وحرف الباء على ضوء الإتريك الخافت في سكون ليل رمضاني جميل بنجومه وأهله وناسه وأطباقه وبروتوكولاته ومواقعه.

في تلك الحقبة الزمانية حيث " سوق الليل وفرقنا والشربيت والبليلة والضاع والسيجة والقب واللب والمعكارة والمرديحة والحبلة وطار وإلا بعشه وحكايات الراوي والمسحراتي والسحور والعسة والمدفع الرمضاني والتراويح والقيام وصلاة الفجر والشيخ الوقور والقلعة والأمير والجمرك والميناء والحواته والبحارة والقارب والهوري والفنديرة والجلب والشوار، والسفن والسنابيك والناس الطيبة، وأسبح وعوم في البحر، وكلمات ليست ككل الكلمات، وعلى بركة الله وصوم يا صائم". ذكريات رمضان زمان أتت ومرت كأحلام اليقظة وشجون الماضي، طيف عابر راح ولن يعود وليته يعود.

lewefe@hotmail.com

‫أُرسلت من الـ iPhone